وقد تتحول أصول المشروع في أثناء حياته إلى نقود أو ديون، فيمتنع تداول الأوراق المالية في هذه الحالة، إلا وفق الشروط التي قررتها الشريعة في تداول النقد والتصرف في الدين، كما سنرى.
ففي حالة تحول أصول المشروع إلى نقود يتم تداول الورقة المالية بما يساوي حصتها من النقود، وليس بقيمتها الاسمية؛ إذ قد تزيد حصتها من النقود على قيمتها الاسمية. وفي حالة الديون تباع الورقة المالية بحصتها من الديون للمدين بها، وأما بيعها لغيره فلا يجوز إلا بغير جنس الدين، كأن تباع بالأعيان أو بعملة أخرى، كما سنفصله فيما بعد.
أما إذا كان المشروع الذي صدرت الأوراق المالية لتمويله يتمخض ديونا، طوال حياة المشروع، كالشأن في عقد السلم إذا ما تم تمويله بإصدار أوراق مالية دفعت حصيلتها ثمنا، أو رأس مال للمُسلَم فيه، فإن تداول هذه الأوراق يخضع لشروط بيع الدين؛ ذلك أن المُسلَم فيه قبل قبضه يعد دينا في ذمة المُسلَم إليه، والورقة تمثل هذا الدين.
وسوف نرى أنه عند قيام المشروع وأثناء حياته واشتمال أصوله على أعيان وحقوق ومنافع ونقود في الخزينة، فإن العبرة في جواز تداول الأوراق المالية بالغالب. فإذا غلبت الأعيان والمنافع على الديون والنقود جاز التداول دون قيود، وأما إذا غلبت الديون أو النقود، أو هما معا على الأعيان والمنافع فإن الشريعة تفرض قيودا على هذا التداول كما سنفصل القول فيه.
٢- استثمار المال بقصد الحصول على ربح:
والورقة المالية صك يمثل حصة شائعة في مال جمع بقصد استثماره للحصول على ربح، والمال الذي جمع بقصد استثماره هو حصيلة الاكتتاب في الأوراق المالية المصدرة لتمويل مشروع أو نشاط اقتصادي، وهو يتمحض نقودا في فترة الاكتتاب وبعدها، قبل بدء النشاط الاقتصادي، أو قيام المشروع الاستثماري الذي صدرت الأوراق المالية لتمويله، ثم يتحول إلى أعيان وحقوق ومنافع عند بداية النشاط، أو قيام المشروع، كما ذكرنا، وهذا المال يكون رأس مال المضاربة، وقد أجازت الشريعة الإسلامية أن يدفع جماعة بوصفهم أرباب مال إلى مضارب واحد، مالا يستثمره والربح بينهم على وفق شرطهم، ويكون أرباب المال شركاء في هذا المال على الشيوع، ويقتسمون ربحه بينهم بنسبة مساهماتهم في رأس المال، بعد استنزال حصة المضارب من الربح.