وحتى تستجمع الورقة المالية الإسلامية خصائصها، وتحقق هدفها، فإن البنك الذي أصدر الورقة المالية يتعهد، وحده، أو مع غيره من البنوك، بشراء ما يعرض عليه منها بالسعر السائد، وقت تقديم الورقة، وهذا ما يسمى بتسييل الورقة المالية؛ أي تحويلها إلى نقود عند الاقتضاء، وذلك تشجيعا لأصحاب المدخرات على شراء الأوراق المالية، ومن ثم استثمار حصيلتها في مشروعات متوسطة وطويلة الأجل، ذلك أن أصحاب المدخرات لا يقبلون عادة على إيداع مدخراتهم لمدد طويلة، تمكن المستثمر من الاستثمار في مشروعات متوسطة، أو طويلة الأجل؛ لأنهم قد يحتاجون هذه المدخرات لمواجهة ظروف طارئة، تقتضي مدفوعات غير منظورة، فكان استعداد البنك مُصدر الورقة لشرائها وتحويلها إلى نقود عند الطلب، بالسعر الذي يعلنه في فترات دورية متقاربة، وهو الحل الوحيد في غيبة السوق المالية الإسلامية النشطة، لتداول هذه الأوراق. فإذا ما قامت هذه السوق لم يصبح ذلك ضرورة ملحة، وإن ظل هذا الإجراء مرغوبا فيه. وسوف نرى أن محل البيع والشراء ليس هو الشهادة أو الورقة المالية؛ لأنها ليست مالا متقوما في ذاتها، ولكن محل البيع هو ما تمثله الورقة المالية من قيمة مالية؛ أي الحصة المالية الشائعة في صافي أصول المشروع، والذي يتكون عادة من أعيان ومنافع ونقود وحقوق مالية لدى الغير، والبيع لا ينصب على القيمة النقدية للورقة؛ لأنه لا يجوز بيع النقد بالنقد إلا متساويا، ولكن على حصة من المجموع المالي من النقود والأعيان والحقوق والمنافع والديون لدى الغير، وللمجموع حكم يختلف عن حكم كل جزء من أجزائه على حدة، وقد قرر فقهاء الشريعة أن ما لا يجوز بيعه استقلالا يجوز بيعه تبعا، و (أن العبرة بالغالب) ، و (أن النادر لا حكم له) ، وعلى ذلك، فإن حصيلة الاكتتاب قبل قيام المشروع، وبدء النشاط الاستثماري، وكذلك صافي أصول المشروع لو تمحضت في أي وقت أثناء حياة المشروع نقودا فقط، أو ديونا فقط، أو نقودا وديونا، فإن التداول لا يجوز إلا وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية، الخاصة بالتصرف في الديون والنقود، كما سنفصله عند الكلام على تداول الأوراق المالية.
الفرق بين الأوراق المالية الإسلامية وغيرها من الأوراق المالية التقليدية:
الأوراق المالية التقليدية هي السهم والسند، وسوف نعقد مقارنة سريعة بين كل منهما، وبين الأوراق المالية، التي بدأت البنوك الإسلامية في إصدارها، والتعامل بها.