للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيا: أن الصيغة رغم قربها من صفة الحوالة لكن فيها معنى البيع، لأن الدائن لا يستوفي من المحال عليه كامل الدين وفاء فيقبض نفس مبلغه ولكنه يبيعه بثمن يتحدد في سوق بفعل قوى العرض والطلب, واعتمادا على تحليل المشتري لمقدار المخاطرة في ذلك الدين وطول أجله ونوع الدينين فيه.. إلخ. ثم إن هذا الدين يعاد بيعه في أكثر الأحوال ويتعامل فيه كسلعة في السوق. ومن ذلك يتضح أن هذه معاملة جديدة تحتاج على نظر وتمحيص، والله أعلم

وفي كل الحالات تقوم عملية تداول الديون على التنميط، إذ يقوم الدائن الأصلي بتوزيع تلك القروض إلى مجموعات متشابهة في مقدار المخاطرة المتضمنة فيها (أي ملأة المدين) وتواريخ استحقاقها ومعدلات الفوائد عليها، ثم يصدرها على شكل أدوات قابلة للتداول، وبذلك تستطيع أن تحول الدين قليل السيولة إلى سيولة كاملة. وقد توسعت هذه العمليات حتى صار جل الديون قابلا للتخفيض بهذه الطريقة بما في ذلك الديون على الدول (دول العالم الثالث) للبنوك الدولية.

٦- الكمبيوتر وأسواق المال:

لم تعد المعاملات في أسواق المال تتم بواسطة البائع والمشتري يتفاوضان، ولا يعتقد أن الصفقات مباشرة. بل إن جل المعاملات يتم بواسطة أجهزة الكمبيوتر يتصل كل واحد منها بالآخر يبرمان الصفقات نيابة عن المتعاملين. وقد حدث تطور عظيم في هذه الأجهزة إلى الحد الذي أمكن معه إعداد برنامج دقيق لكل جهاز يوجهه إلى اتخاذ القرار المناسب بناء على المعلومات التي يتم تغذيتها فيه بواسطة أجهزة الاتصال، فكما هو معروف فإن أسعار الأسهم والسندات في أسواق البورصات يتم بثها مباشرة بواسطة الأجهزة المبرقة والهاتفية ويمكن كذلك الاشتراك فيها بحيث يتم توصيلها إلى جهاز الكمبيوتر مباشرة. وما عليك عندئذ إلا أن تخبر الجهاز برد الفعل المطلوب عند كل سعر. فمثلا زيد يمتلك خيارات في أسهم معينة يستطيع أن يخبر الكمبيوتر أنه إذا تخطي سعر الخيار المذكور ٤ دولارات فعليك بالبيع فيقوم الجهاز عندما يتخطى السعر ذلك المستوى بتحويل الخيارات إلى السمسار الذي يتلقاها بواسطة جهاز الكمبيوتر ثم يسوقها إلى آخرين ... إلخ.

ويعتقد كثير من الخبراء أن وجود هذا النوع من الترتيبات هو السبب الرئيسي في انهيار، أكتوبر (تشرين أول) ١٩٨٧م في أسواق البورصة إذ أدى اتجاه الأسعار إلى الانخفاض إلى توجه جميع الأجهزة إلى البيع ومن ثم حدوث الانهيار العظيم.

٧- بعض القضايا والأسئلة التي تحتاج إلى نظر من قبل الفقهاء الأجلاء:

بعد هذا العرض الموجز لأهم المعاملات في الأسواق المالية تثور في الأذهان أسئلة كثيرة حول موقف الفقه الإسلامي من هذه الأنواع المتعددة من المعاملات. وأكثر هذه المعاملات واضح الحرمة لأنه يتضمن الربا أو القمار أو بيع ما لم يقبض. لكن جزءا منها يحتاج إلى نظر وتمحيص وسأحاول أدناه أن أسجل بعض ما خطر لي من تساؤلات حول المواضيع المطروحة:

(١) هل لفكرة الشركة ذات الذمة المالية المستقلة عن مالكيها والشخصية المعنوية (مثل الشركة المساهمة) أصل شرعي؟

<<  <  ج: ص:  >  >>