للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولإعطاء فكرة موجزة حول البعض من هذه الجوانب فيما يلي نلقي نظرة على بعض الأبواب الفقهية المرتبطة بالمعاملات المالية. يقال على سبيل التمثيل لدقة التفسير والتوجيه: إن من المقرر فقها أنه لا يحل الجمع بين البيع والسلف في معاملة واحدة (١)

واختلف في تفسير هذا العنوان، ففسره مالك بقول الرجل للرجل آخذ سلعتك بكذا وكذا على أن تسلفني كذا وكذا. فعقدهما هذا البيع المشروط بالسلف يعتبر محرما شرعا إلا أن تحريمه لما كان لأجل شرط السلف فيتبعه فإنه إن تركه المشترط - كسرا - فإنه يصير جائزا. وعلى هذا التفسير أهل العلم.

وفسره غيره من شراح السنة بأن يقول البائع للمشتري: أبيعك هذا الثوب بألف على أن تقرضني ألفا - مثلا - وهذا عقد فاسد إن وقع فسخ. وقد وجهوا فساده بأن البائع جعل ثمن مبيعه كلا من الدراهم وقرض مثلها. فاجتمع البيع والسلف، والسبيل لتصحيحه بإبطال شرطه - كما هو الحال بالنسبة للتفسير الأول- لأن بإبطاله يسقط بعض الثمن ويصير المبيع في مقابلة باقٍ مجهول (٢) .

ويقال للاحتراز عن بعض سبل الربا إن لجواز السلم شروطا، منها ما ينفرد به رأس المال، وهو - عند المالكية - أن يكون نقدا فلا يجوز تأخيره إلا إذا كان دون اشتراط، أو باشتراط قليل الأيام الثلاثة فيجوز، أما الإمامان الشافعي وأبو حنيفة فقد اشترطا التقابض بالمجلس فلا يجوز التأخير عندهما، ومنها ما ينفرد به المسلم فيه. وهي ثلاث:

١- تأخير قبضه إلى أجل معلوم يدخلان عليه، وأقله الفترة التي تختلف فيها الأسواق خمسة عشر يوما ونحوها.

٢- أن يكون مطلقا في الذمة، بمعنى أنه غير مقيد بما يعينه كأن يكون زرع تربة بعينها وإلا لم يجز لتعينه. أرأيت العقار فإنهم اتفقوا على عدم جواز السلم فيه وما ذاك إلا لتعينه.

٣- أن يكون مما يوجد جنسه في مجرى العادة عند بلوغ الأجل المعروف مطلقا - إن كان عند العقد موجودا لو لم يكن موجودا- هذا على مذهب مالك. أما أبو حنيفة فالشرط عنده أن يوجد عند كل من العقد والأجل.

ومنها ما هي مشتركة بين رأس المال وبين المسلم فيه وهي أيضا ثلاث:

١- أن يكون كل من رأس المال والمسلم فيه مما يصح تملكه وبيعه، وما لا يصح تملكه وبيعه لا يجوز السلم فيه كالخمر والخنزير والميتة مثلا.


(١) ينبه على أن بعض المالكية زاد الفرض على العقود الستة التي لا يجوز اجتماع البيع مع واحد منها لعلة تنافي أحكامها. وقد أشار إليها ابن عاصم في التحفة بقوله: وجمع بيع مع شركة وقع صرف وجعل ونكاح امتنع ومع مساقاة ومع فرائض وأشهب الجواز عنه ماض
(٢) الروضة الندية، شرح الدرر البهية للعلامة الغنوجي البخاري: ٢/١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>