للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- أن يختلفا جنسا بأن يسلم الذهب والفضة في الحيوان والعروض والطعام مثلا، فإن لم يختلفا جنسا كأن يسلم الذهب في الفضة..... لم يجز، لما فيه من الربا - العرف بتأخير- نعم يلاحظ أن المنع قد ينصب على بعض جزئيات السلم مع اتحاد الجنس، ويمكن أن يقسم إلى ما منع إطلاقا وهو تسليم بعض الطعام في بعض - بيع طعام بطعام نيئة- (١) فقد منع إطلاقا لعلة أنه ربا، وإلى ما منع بشرط وهو تسليم بعض العروض في بعض، وبعض الحيوان في بعض، فقد منع بشرط أن تتفق فيه الأغراض والمنافع، وذلك لعلة أنه يئول إلى سلف جر منفعة، فإن اختلفت – فيما ذكر- الأغراض والمنافع جاز التسليم فيه.

٣- أن يكون كل منهما معلوما جنسا، وصفة، وقدرا (٢) . احترازا عن الجزاف فقد اختلفت فيه المذاهب. فالشافعي أجازه، وأبو حنيفة منعه، والمالكية لهم خلاف فيه.

ويقال لبيان دور عقيدة الحسم في العلاقات المالية أنه يتجلى في مظاهر من بينها بيع المرابحة، وهو أن يعرف صاحب السلعة المشتري بقدر الثمن الذي اشتراها فيه ويأخذ ربحا، وذلك كأن يقول: أشتريها بألف وتربحني مائة أو مائتين مثلا.

ومن مسائلها أن تطرأ على السلعة زيادة على ثمنها فهل يحبسها مع الثمن ويجعل لها قسطا من الربح أو لا؟ الصور ثلاث (٣) ، لأن هذه الزيادة إما أن تكون لها عين قائمة - كالخياطة والصياغة- أو ليست لها عين قائمة. وهذه الثانية، إما أن يعملها بنفسه - كالطي والنشر- أو يستأجر عليها ككراء نقل المتاع وأجرة شده.

وهي باعتبار الحكم على طرفين ووسيطة، ففي الصورة الأولى حيث تكون لها عين قائمة، يحسبها مع الثمن ويجعل لها قسطا من الربح وفي الثانية حيث لا تكون لها عين قائمة وقام بالعمل بنفسه لا يحسبها في الثمن ولا يجعل لها قسطا من الربح وفي الثالثة حيث لا تكون لها عين قائمة فاستأجر عليها يحسبها في الثمن ولا يجعل لها قسطا من الربح.

ويقال لبيان صورة من صور الحفاظ على حقوق الأجير إن الفقهاء اشترطوا العلم بالأجرة وجواز تقديمها، ذلك أنهم اشترطوا في الأجرة من بين أركان الإجارة شرطين:

١- أن تكون معلومة خلافا للظاهرية احترازا عما فيه جهالة كما لو قال: احصد زرعي ولك نصفه، أو اطحنه أو اعصر الزيت، وأراد نصف ما يخرج مما ذكر، فإنها إجارة لا تجوز وذلك لجهالة الأجرة، فإن ملكه نصف نتاج ما ذكر جازت (٤) .

ولا يجب تقديمها إلا لشرط أو لاقتران ما يوجب تقديمها من كونها عرضا أو طعاما رطبا أو ما أشبههما.

٢- ومن شرطي المنفعة أن تكون معلومة إما بالزمان، كالمياومة والمشاهرة وإما بغاية العمل كخياطة ثوب مثلا ولا يجوز أن يجمع في الاشتراط بين الزمان والعمل المذكورين، لأنه- أي العمل- قد لا يتم قبل الأجل أو بعده.


(١) منع أخذ طعام ثمنا لطعام لأنه ذريعة إلى بيع الطعام بالطعام نيئة.
(٢) وزنا أو كيلا أو عدا أو ذرعا بالنسبة لما يحصر بأحدها، ووصفا بالنظر لما لا يوزن ولا يكال ولا يعد ولا يذرع.
(٣) محل هذا التفصيل ما لم يبين للمشتري، وإلا لجاز له أن يحسب ذلك كله.
(٤) القوانين لابن الجزي – ص٢٩٥ ط التونسية.

<<  <  ج: ص:  >  >>