ولكن القسم المهم في الجهاز العصبي هو المخ الذي يتقبل ما يأتيه عن الحس فيميزه ثم يقوم برد الفعل الذي ينفرد به كل إنسان والذي يختلف الرجع من النقيض إلى النقيض. ومن هنا فإن المخ من هذه الناحية يمثل الشخصية الحقيقية لكل فرد {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[سورة الإنسان: الآية ٣] .
فاختلاف الإرجاع والاختيارات التي يقوم بها المخ تجعل الإنسان شقياً أو سعيداً. وعالماً أو جاهلاً. وذكيا نابهاً أو غبياً خاملاً. وشجاعاً مقداماً، أو خائفاً رعديداً إلى آخر السمات المميزة لكل شخص وفيه تغيير حسب ظني للحقيقة الوراثية التي تميز الذات أيضاً.
ولذا فإنه يترجح عندي أن الحكم يختلف بين المستويات الثلاثة فمناطق الإحساس في الدماغ والأعصاب الموظفة لذلك، وأجهزة التنفيذ الحاكمة في إمكانات الجسم هذان حكمهما يختلف عن المخ العاقل المدبر.
ولما كان المخ من الأعضاء المفردة التي لا تعوض ولا تتجدد فنقله بكماله كنقل أجزاء منه في الحكم.
المنقول منه:
إن المفروض في المنقول منه:
* أولاً: أن يكون صاحب العضو مالكاً أمر نفسه محترمة حياته ولا يخلو حاله من الصور الآتية:
ا- أن يتبرع بنقل دماغه أو بنقل بعض أجزاء الجهاز العصبي، وهذا التبرع غير مؤثر ذلك أن الحياة ملك لله، فليس لأحد أن يتبرع بحياته لفائدة شخص آخر. كما أنه ليس له أن يتبرع بشيء لا يعوض من جسمه إذا تلف. فكما لا يعتبر تبرع الإنسان بأصبعه تبرعاً معتبرا فكذلك بجزء من أجزاء الجهاز العصبي بل هو أولى، ولما كان الجهاز العصبي يسبق موته موت أجهزة الجسم الأخرى فإنه لا يتحقق إمكانية الاحتفاظ ببعض الأجزاء حية بعد موت جذع الدماغ.
٢- أن يبيع العضو ويأخذ بدله ثمناً قد يكون هذا الثمن مالاً وقد يكون الثمن مبادلة عصب السمع بعصب البصر مثلاً والحكم كسابقه، فالعقد باطل لأن الإنسان لا يبيع ما لا يملك، لأن الحياة ملك لله وكذلك الجسم الإنساني في كل جزء من أجزائه..