وفي المبسوط للسرخسي أن المضطر كما لا يصح له قتل الإنسان ليأكل من لحمه لا يباح له قطع عضو من أعضائه.
ومن المعروف أن العضو المبتور من جسد الإنسان يعتبر نجساً، وحمل النجس وربطه بجسد الإنسان لا يجوز كما لا تجوزه الصلاة في هذه الحالة، وقد يستنتج مما ذكر أعلاه:
أولاً: أن أعضاء الإنسان شيء محترم، فلا يجوز بترها لزرعها في مكان آخر من نفس الجسد أو في جسد آخر حتى ولو كان لغرض العلاج لأن ذلك يعتبر انتهاكاً لكرامة الإنسان وأعضاء جسده.
ثانياً: أن أعضاء جسد الإنسان ليست سلعاً تباع وتشترى، ولا يملك الإنسان أعضاءه ملكاً تاماً، بل هي ملك خالص لله الخالق سبحانه وتعالى أما الإنسان فمجاز باستخدامها حسب أحكامه وإرادته، فلا يجوز للإنسان هبة أو بيع عضو من أعضائه مثل العين والمخ والكلية وغيرها في حين حياته أو بعد موته.
ثالثاً: أن الجثة الهامدة والملقاة في العراء أو في الحي مجهولة الهوية والجثة المشرحة محترمة كجثة أي إنسان آخر فلا يجوز بتر أعضائها وزرعها في جسد آخر لأغراض طبية كما لا يجوز استخدامها لأي غرض آخر.
قد عرضنا فيما مر أقوال كبار الفقهاء المتقدمين والمتأخرين وما يستنتج من أقوالهم حول موضوع زراعة الأعضاء.
وقد رأى بعض الفقهاء قياس مسألة زرع الأعضاء على مسألة التداوي بالحرام عند الضرورة أخذاً في الاعتبار تصنيف العلامة الهموي لأعمال الإنسان في خمسة أصناف الفضول والزينة والمنفعة والحاجة والضرورة، والضرورة تبيح المحظورات، فيجوز زرع الأعضاء في حالة الضرورة كما يجوز التداوي بالحرام فيها، وقد أجاز بعض فقهاء العصر التبرع بالدم للأغراض الطبية ولكنهم اختلفوا في بيعه.