ويخرج من المخ عشرات الأطراف العصبية (الأعصاب) من خلال ثقوب في الجمجمة والعمود الفقري، كما أن الكثير من الشرايين والأوردة تنقل إليه ومنه الدم اللازم لتغذيته.
إن الجهاز العصبي المركزي والمخ بصفة خاصة لا يتحمل تغيرات فيزيائية أو كيميائية في محيطه الذي يعيش فيه إلا في نطاق محدود جداً، فمثلاً التغير في درجات الحرارة بالنسبة لأعضاء أخرى كالجلد يمكنه أن يتحمل درجات تصل إلى عشر أو عشرين درجة مئوية صعوداً أو هبوطاً من الدرجة العادية وهي ٣٧ درجة، إلا أن المخ لا يتحمل انخفاضاً أكثر من درجتين وإلا ابتدأ عمله في التأثر، فقد يغيب الإنسان عن وعيه فيما يشبه النوم، وهو ما حدث لجيوش نابليون في هجومها على روسيا في الشتاء القارس البرد مما سبب اندحاره وهزيمته، وإذا زادت الحرارة عن درجتين أو ثلاث، فإنه يفقد الوعي كذلك ويصاب بما يسمى ضربة شمس.
كذلك التغييرات الكيميائية لا يتحملها المخ بعد نطاق محدود، وكذلك بالنسبة لتركيز سكر الجلوكوز أو الأوكسجين في الدم، فإذا انقطع سريان الدم مثلاً عن المخ لأي سبب من الأسباب ولو لثوان قليلة، فقد الإنسان وعيه، وإذا زاد ذلك عن دقائق أربع فقد يعني هذا نهاية خلايا المخ وبالتالي الإنسان ككل.
إذا كان هذا مدى رقة هذا العضو في تكوينه ومدى حساسيته المرهفة للظروف البيئية التي يعيش فيها، فما هو العمل الذي يؤديه؟.. إن جميع أعضاء جسم الإنسان الأخرى يمكن تقسيم الأعمال التي تقوم بها إلى أعمال كيميائية أو ميكانيكية في النهاية.. فالكلى والكبد والغدد تؤدي أعمال كيميائية لفصل الأملاح الضارة والتمثيل الغذائي، وأما أعضاء أخرى كالقلب والعضلات والعظام فعملها أساساً هو عمل ميكانيكي، وهناك ما هو مزدوج العمل، كالجهاز التنفسي والأمعاء ... ولكن ما هو عمل المخ؟ إنه يختلف تماماً.. إن عمله يمكن أن نلخصه في مجالات ثلاثة، هي:
الإحساس.. الوعي والإدراك والابتكار.. رد الفعل أو التنفيذ. فإذا دققنا النظر في هذه الوظائف لوجدناها تمثل كيان الإنسان وذاته، وأن الإنسان هو مخ حي.. خلقت الأعضاء الأخرى لتقوم على خدمته من هضم الغذاء وتقديمه وطرد الفضلات والتنقل به من مكان لآخر، والأكثر من ذلك أن المخ يسيطر على جميع الأعضاء الأخرى وجميع خلايا الجسم بصورة أو أخرى.