للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وقد انتبه أحد فقهاء الشافعية لهذا المعنى، وهو بصدد الكلام عن حكم الإجهاض، ورأى أن الأصل وإن كان إباحة الإجهاض قبل نفخ الروح، فإنه ينبغي أن يحرم في الأيام الأربعين السابقة لنفخ الروح، واقتصر في الاستدلال لذلك بأن هذه الفترة ينبغي أن تعتبر حريماً للروح (١)

فإذا اتفق أهل الاختصاص على تحديد المدة الاحتياطية أضيفت هذه المدة إلى عمر الجنين الذي تدل عليه الوسائل العلمية، فإذا بلغ الناتج مائة وعشرين يوماً عومل هذا الجنين معاملة الآدمي الحي، وحرم إسقاطه واستخدامه في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية.

وأما إذا لم تتفق الأوساط الطبية على تحديد مدة الاحتياط، فإنا نميل إلى ما ذهب إليه ذلك الفقيه الشافعي من اعتبار مرحلة المضغة كلها حريماً للروح، ومعاملة الجنين فيها كما لو بلغ مائة وعشرين يوماً بالفعل، وتحريم مساسه بأي أذى ومهما كان في هذا التحديد من المبالغة، فإنه خير من وقوع خطاً واحد تذهب فيه روح آدمي؟ فإنه من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا. والخطأ في تفويت المصالح التي يتوقع تحقيقها من استخدام الأجنة في الزراعة والتجارب أهون في ميزان الله تعالى من الخطأ في ازهاق روح الآدمي.

٢ - ومن الأمور الواقعية التي تستحق أن يأخذها الباحث بعين الاعتبار، وهو يبحث عن الحكم الشرعي لاستخدام الجنين في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية، المرحلة التطورية التي يكون الجنين قد وصل إليها بحسب إفادة الأطباء، بحيث تكون المصالح التي توضع في مقابلة إسقاط الجنين متناسبة مع المرحلة التي وصل إليها في تطوره الجسدي، وقربه أو بعده من لحظة كمال التخلق حيث تتصل به الروح مباشرة بحسب سنة الله عزوجل، فينبغي أن تكون المصالح التي تبيح إسقاط الجنين في مراحله القريبة من لحظة نفخ الروح قبل الدخول في مدة حريمها في مرتبة أعلى من تلك التي تبيح إسقاطه في المراحل البعيدة عن تلك اللحظة.


(١) صاحب هذا الرأي هو الرملي ذكره في نهاية المحتاج: ٨/٤١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>