وتأصيل ذلك أن الجنين قبل نفخ الروح فيه مخلوق حي في طور الإعداد لاستقبال الروح الإنسانية، والشأن في كل شيء يعد لغيره أن تتعاظم قيمته مع اقترابه من نقطة الكمال الإعدادي، كالبيت يعد لساكنه، يكون إعداده على مراحل، وكلما اقترب من لحظة التهيئة التامة كلما غلت قيمته، وكلما ابتعد عنها تناقصت؟ فالجنين في مرحلة المضغة يكون أعلى قدراً وأعظم قيمة منه في مرحلة العلقة، وهو في هذه المرحلة أعلى قدراً من مرحلة النطفة. وكل مرحلة من هذه المراحل تشتمل على درجات بحسب تقدم الجنين فيها.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن المصالح، وإن صنفها العلماء المسلمون إلى ثلاث رتب هي الضروريات والحاجيات والتحسينيات، فإن كل رتبة منها تتفاوت مصالحها في القدر؟ فليس كل الضروريات سواء وليس كل الحاجيات سواء، وكذلك التحسينيات.
ولهذا فإن الدقة في التشريع لهذا الأمر تقتفي أن تقام مصالح استخدام الأجنة في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية على المراحل التطورية للجنين قبل أن تنفخ فيه الروح، ويمكن بقيام تعاون جدي بين علماء الشرع وعلماء الطب المسلمين، ودراسة متعمقة من الناحيتين العملية والنظرية، تصنيف تلك المصالح بصورة تفصيلية ودقيقة إلى فئات وزمر، على أساس ما يدفع بها من حرج عن الناس، وتصنيف مراحل الجنين على أساس ما يطرأ عليه من تغيرات هامة، ثم تقسيم فئات المصالح وزمرها على مراحل الجنين قبل نفخ الروح، بحيث لا يصح إسقاطه في مرحلة من تلك المراحل إلا بالزمرة المخصصة له من المصالح أو بالزمرة الأعلى.