للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي نستطيع قوله في غيبة ذلك التصنيف المأمول إن الجنين في مرحلة المضغة، إذا استثنينا منها المدة الاحتياطية (١) (حريم الروح) ينبغي أن يراعى لجواز استخدامه في زراعة الأعضاء وإجراء التجارب العلمية أن تكون المصالح المراد تحقيقها في مرتبة الضروريات، كإنقاذ مريض من مرض مهلك أو مرض متلف لأحد الأعضاء الهامة، أو مرض مزمن يجعل حياة المريض صعبة محرجة، ولا علاج لهذه الأمراض سوى أخذ بعض أجزاء الأجنة الحية.

وذلك لما يذكر الأطباء أن الجنين إذ ابلغ أول هذه المرحلة اكتمل تكوينه الجسدي، بما في ذلك دماغه، وأن ما يجري عليه بعد ذلك من التطور إنما هو من قبيل نضج الأعضاء المتكونة، ولا تحدث له إضافات جسدية جوهرية (٢)

وأما في مرحلة العلقة، وهي المرحلة المتوسطة من عمر الجنين قبل نفخ الروح، ومدتها أربعون يوماً، فيمكن أن يشترط لجواز استخدام الجنين فيها لزراعة الأعضاء والتجارب العلمية، أن تكون المصالح المراد تحقيقها لا تقل عن مرتبة الحاجيات التي تنزل منزلة الضروريات؟ وذلك لأن هذه المرحلة، وإن لم يتم فيها تكون أعضاء الجنين، فإنها تتسم من أولها إلى آخرها بالنشاط التخلقي في جسد الجنين وبناء الأعضاء شيئاً فشيئاً (٣)

وأما مرحلة النطفة، وبخاصة قبل علوق الجنين بجدار الرحم فيمكن الاكتفاء فيها بالحاجيات لإباحة الانتفاع به.

وأما المصالح التحسينئة، وما يقترب منها من أدق درجات المصالح الحاجية، فلا نظن أنها تصلح مسوغاً لاستخدام الأجنة المجهضة.

٣ - وهنالك اعتبارات أخرى تقتضي تسييج ما ذكرنا من جواز الاستفادة من الأجنة المجهضة بشروط موضوعية وقيود تنفيذية، سنرجىء ذكرها إلى المطلب التالي؛ لأن كثيراً منها يشترك فيه حكم هذه الصورة وأحكام الصور الأخرى التي لها في الفرعين الثاني والثالث من هذا المطلب.


(١) مدة مرحلة المضغة أربعون يوماً تسبق نفخ الروح. فإذا فرضت المدة الاحتياطية عشرين يوماً كان محل الحكم المذكور في المتن الفترة الباقية من الأربعين "٢٠ يوماً"، والتى تقع قبل المدة الاحتياطية.
(٢) "خلق الإنسان بين الطب والقرآن": ص ٣٥٢، ٠٣٥٣"تطور الجنين وصحة الحامل ": ص ١٣٢.
(٣) "تطور الجنين": ص ١٣٠، ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>