للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرع الثالث

حكم الانتفاع بالجنن الذي لم تنفخ فيه الروح

إذا كان ميتاً حقيقة أو حكما

سبق أن الجنين قبل نفخ الروح فيه لا يوصف بأنه آدمي، ولكنه يكون حياً إذا وجدت فيه قوة النمو والتطور، ويكون ميتاً إذا فقد تلك القوة، وقد سبق الكلام عن حكم استخدام الجنين الحي، وفي هذا الفرع نتبين حكم استخدام الجنين الميت:

وما دام الجنين في هذه الصورة لم يسبق اتصال الروح به، فإن المقصود بموته صيرورة خلايا جسده عاجزة عن النمو والاغتذاء والانقسام. ومثل هذا لا يمكن أن يستفاد منه في زراعة الأعضاء، وأغلب الظن أنه غير مجد في الأبحاث أيضاً؛ لأن زراعة الأعضاء والأجزاء يستلزم أن تكون أنسجة الجنين حية، كما يرى أهل الاختصاص (١)

وعلى أية حال فإنه إذا احتيج إلى مثل هذا الجنين في بعض الأبحاث، فإنه لا يوجد شرعاً ما يمنع من الاستفادة منه، ولا يشترط لذلك إلا أن يرجى النفع من البحث في خلاياه، وأن لا يكون عبثاً.

وهنالك صورة أخرى تلحق بالصورة المذكورة، ولكن مجال الانتفاع بالجنين فيها أوسع، وبخاصة في التجارب العلمية، وهي أن تكون خلايا الجنين حية، ولو غرس في الرحم لنما وتطور، ولكن يوجد مانع واقعي أو ضرر يمنع من غرسه في رحم امرأة، كما في اللقائح التي تزيد عن الحاجة في مشاريع أطفال الأنابيب، ولا يمكن غرسها في رحم صاحبة البيضة لسبب من الأسباب. وكذلك الجنين الذي سقط من رحم أمه والطب عاجز عن إعادته إليه بالرغم من بقاء الحياة في خلايا جسده. فقد تقدم في مطلب سابق أن التصرف بمثل هذا الجنين بما يؤدي إلى فساد خلاياه لا يعد إتلافاً له، لأنه غير صالح لتحقيق المقصود من خلقه، وهو الوصول إلى الوضع الذي تحل الروح فيه، ومصيره المحتوم هو التوقف عن النمو قبل نفخ الروح.

واستخدام الجنين في هذه الصورة لزراعة الخلايا والأنسجة وفي التجارب العلمية حكمه كحكم استخدام الجنين في الصورة السابقة، لأنه يعتبر ميتاً حكما، وإن كانت خلايا جسده حية في الحقيقة.


(١) بحث "استخدام الأجنة المجهضة" - محمد علي البار: ص ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>