شروط وقيود الانتفاع بالأجنة التي لم تنفخ الروح فيها
في زراعة الأعضاء والتجارب العلمية
لما كانت الأحكام التي توصلنا إليها مبناها في الجملة على الموازنة بين المصالح والمفاسد، ولما كان الأصل الذي رجحناه في حكم إجهاض الجنين قبل نفخ الروح، والإضرار به بأي أسلوب من غير مصلحة راجحة، هو التحريم، فإنا نرى أن القول بتلك الأحكام لا بد من أن يكون مشروطاً ببعض الشروط، ومقيداً ببعض القيود التي يفرضها التطبيق السليم لقاعدة الترجيح بين المفاسد والمصالح، وتفرضها أيضاً بعض المبادىء والقواعد الشرعية، وفيما يأتي نفصل هذا الإجمال:
١ - يشترط أولاً أن يغلب على الظن تحقيق مصالح معتبرة للآدمي الذي ينقل إليه جزء الجنين، أو للمجتمع من إجراء التجارب على الجنين، وأن يكون فوات هذه المصالح أخطر من مفسدة إتلاف الجنين بحسب المعايير التي تقدم ذكرها ولا يتحقق هذا بمجرد الشك، ولا بد من قناعة أهل الاختصاص به.
ويستثنى من هذا الشرط الصورة التي يكون فيها الجنين ميتاً حقيقة بتلف خلاياه أو حكما بأن تكون خلاياه حية ويمنع من نموه وتطوره مانع واقعي أو شرير، كاللقائح الزائدة عن الحاجة في مشاريع أطفال الأنابيب. وإنما اختلفا عن الجنين الحي الذي يكون في وضع يمكنه معه التطور والنمو؟ لأن الأصل في الجنين الصالح تحريم إفساده، والإباحة فيه من باب الرخصة، وهي خلاف الأصل، ولا يصار إليها إلا عندما يغلب على الظن تحقيق مصلحة أعلى، وأما في الجنين الفاسد حكما أو حقيقة فالأصل هو الجواز؟ لأن الفعل ليس فيه إفساد ولا إتلاف، ويكفي أن يكون في استخدامه نفع معتبر.
٢ - والشرط الثاني هو أن لا توجد طريقة أخرى لتحقيق المصالح المبتغاة تكون خالية من المفاسد، أو ذات ضرر أقل مما ذكرنا؛ فإذا أمكن العلاج بغير إتلاف الجنين الحي بقي العمل غير مشروع. وكذلك إذا كان من الممكن تحقيق النتائج العلمية المرجو تحقيقها باستخدام غير جنين الآدمي، كأجنة الحيوانات.
كذلك لا يجوز استخدام الأجنة الحية في مراحل عليا من تطورها إذا أمكن تحقيق المطلوب باستخدام أجنة في مراحل أدق؟ فلا يصح استخدام جنين في مرحلة المضغة إذا أمكن واقعياً وعلمياً تحقيق المقصود باستخدام جنين في مرحلة العلقة أو النطفة، ولا استخدام جنين في مرحلة العلقة إذا أمكن استخدام جنين في مرحلة النطفة، ولا استخدام جنين في مرحلة النطفة تعلق بجدار الرحم إذا أمكن استخدام جنين لم يتعلق بعد بذلك الجدار، ولا استخدام جنين في الرحم إذا أمكن استخدام لقيحة خارج الرحم، ولا استخدام لقيحة خارج الرحم يمكن غرسها في رحم الأم إذا أمكن تحصيل المصلحة المقصودة من استخدام لقائح حية لا يمكن غرسها لمانع شرعي أو واقعي.