والأذن بمنزلة السن في ذلك، لا يرد العقل إذا ردها بعد الحكم فثبتت واستمسكت. وإنما اختلف فيهما إذا ردهما، فثبتتا، واستمسكتا، وعادتا لهيئتهما قبل الحكم على ثلاثة أقوال: أحدهما قوله في المدونة إنه يقضى له بالعقل فيهما جميعاً، إذ لا يمكن أن يعودا لهيئتهما أبداً. وقال أشهب إنه لا يقضي له فيهما بشيء إذا عادا لهيئتهما قبل الحكم. والثالث: الفرق بين السن والأذن، فيقضى بعقل السن وان ثبتت، ولا يقضى له في الأذن بعقل إذا استمسكت وعادت لهيئتها، وان لم تعد لهيئتها عقل له بقدر ما نقصت ... ولا اختلاف بينهم في أنه يتم له بالقصاص فيهما، وان عادا لهيئتهما (١)
٦ - فالحاصل أن القصاص لا يسقط بالإعالة في حال من الأحوال، وأما الأرش ففيه ثلاث روايات:
(١) لا يسقط الأرش بإعادة عضو المجني عليه.
(٢) يسقط الأرش بذلك.
(٣) يسقط الأرش في الأذن ولا يسقط في السن.
٧ - ووجه الفرق بين السن والأذن على هذه الرواية الثالثة ما حكاه العتبي في المستخرجة عن ابن القاسم برواية يحيى، قال:
"وسئل (يعني ابن القاسم) عن الرجل يقطع أذن الرجل فيردها وقد كانت اصطلمت فثبتت، أيكون له عقلها تاماً؟ فقال: إذا ثبتت وعادت لهيئتها فلا عقل فيها، فإن كان في ثبوتها ضعف، فله بحساب ما يرى من نقص قوتها.
قبل له: فالسن تطرح، ثم يردها صاحبها فتثبت، فقال: يغرم عقلها تاماً، قيل له: فما فرق بين هذين عندك؟ قال: لأن الأذن إنما هي بضعة، إذا قطعت ثم ردت، استمسكت، وعادت لهيئتها، وجرى الدم والروح فيها. وإن السن إذا بانت من موضعها ثم ردت لم يجر فيها دمها كما كان أبداً، ولا ترجع فيها قوتها أبداً. وإنما ردها عندي بمنزلة شيء يوضع مكان التي طرحت للجمال، وأما المنفعة فلا تعود إلى هيئتها أبداً.
(١) البيان والتحصيل: ١٦/ ٦٦ و٦٧، كتاب الديات الثالث، وراجع أيضاً الحطاب: ٦/٢٦٢، والمواق: ٦/ ٢٦٤.