للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعندي أن على الجاني القصاص، لأن القصاص يجب بالإبانة، وقد أبانها. ولأن هذا الإلصاق مختلف في إقراره عليه، فلا فائدة له فيه، (١)

وكذلك ذكر ابن قدامة القولين، ولم يرجح واحداً منهما، وكذلك فعل أبوإسحاق ابن مفلح (٢) وذكر المرداوي وشمس الدين ابن مفلح القولين، واختار قول القاضي انه لا يسق القصاص (٣) واختار البهوتي قول أبي بكر في أنه يسقط القصاص والأرش كلاهما (٤)

القول الراجح في المسألة:

١٥ - والقول الراجح عندنا ما ذهب إليه الجمهور من المالكية والحنفية والشافعية، وجماعة من الحنابلة أن زرع المجني عليه عضوه لا يسقط القصاص أو الأرش من الجاني، لأن القصاص جزاء للاعتداء الصادر منه، وقد حصل هذا الاعتداء بإبانة العضو، فاستحق المجني عليه القصاص في العمد، والأرش في الخطأ، فلا يسقط هذا الحق بإعادة عضوه إلى محله، وذلك لأمور:

(١) ان إعادة العضو من قبل المجني عليه علاج طبي للضرر الذي لحقه بسبب الجناية، وان البرء الحاصل بالعلاج لا يمنع القصاص والأرش، كما في الموضحة، إن عالجها المجني عليه فبرىء، فإنه لا يمنع حقه في استيفاء القصاص أو الأرش. فكذلك العضو إذا أعيد بعد الإبانة من الجاني، فإنه لا يؤثر فيما ثبت له على الجاني من قصاص أو أرش.

(٢) ان إعادة العضو من قبل المجني عليه، وإن كان يستدرك له بعض الضرر، فإن العضو لا يعود عادة إلى ما كان عليه من المنفعة والجمال، فإسقاط القصاص أو الأرش فيه تفويت لحق المجني عليه بعد ثبوته شرعاً.


(١) المسائل الفقهية من كتاب الروايتين والوجهين، لأبي يعلى: ٢ /٢٦٧و ٢٦٨.
(٢) المغني لابن قدامة: ٩/٤٢٢، والشرح الكبير: ٩/٤٣١.
(٣) الإنصاف للمرداوي: ١٠/ ١٠٠، والفروع لابن مفلح: ٥/٦٥٥.
(٤) كشاف القناع للبهوتي: ٥/٦٤١، وشرح منتهى الإرادات: ٣/٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>