للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٣) إن القصاص أو الأرش قد ثبت بالقلع يقيناً، وذلك بالنصوص القطعية، فلا يزول هذا اليقين إلا بيقين مثله، وليس هناك نص من القرآن والسنة يفيد سقوط القصاص بإعادة العضو.

١٦ - ولما ثبت أن إعادة المجني عليه عضوه لا يسقط القصاص عن الجاني، فلو قطع رجل عضوه المزروع مرة ثانية، هل يجب فيه القصاص مرة أخرى؟ قد صرح أكثر الفقهاء بأنه لا يجب، وعلل بعضهم بأن العضو المزروع لا يعود إلى هيئته الأصلية في المنفعة والجمال، فهذا الإلصاق لا يعتد به، قال الموصلي الحنفي رحمه الله تعالى:

"والمقلوع لا ينبت ثانياً، لأنه لا يلتزق بالعروق والعصب، فكان وجود هذا النبات وعدمه سواء، حتى لو قلعه إنسان لا شيء عليه (١)

ومقتضاه أنه لا يجب القصاص ولا الأرش، لأنه جعل النبات وعدمه سواء، ولكن اليوم أمكن في كثير من الأعضاء المقلوعة أن تعاد فتلزق بالعروق والعصب، فلا يتأتى فيها التعليل الذي ذكره الموصلي، فالظاهر في حكم أمثالها أنه لا يوجب القصاص، لأن العضو المزروع، وإن التزق بالعروق والعصب، فإنه عضو معيب لا يكون بمثابة العضو الأصلي، فلا يقطع به العضو الصحيح في أصل خلقته. ولكن يجب أن يلزم به الأرش على الجاني الثاني. وهو قول الحنابلة. قال البهوتي رحمه الله:

" (وإن قلعه) أي ما قطع ثم رد فالتحم (قالع بعد ذلك فعليه ديته) ولا قصاص فيه، لأنه لا يقاد به الصحيح بأصل الخلقة لنقصه بالقلع الأول" (٢)


(١) الاختيار لتعليل المختار، للموصلي: ٥/ ٣٩.
(٢) شرح منتهى الإرادات للبهوتي: ٣/ ٢٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>