للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك جزم القاضي أبو يعلى بأنه لا يقتص منه ثانياً. فقال رحمه الله:

"فإذا قطعنا بها أذن الجاني، ثم ألصقها الجاني، فإن قال المجني عليه: ألصق أذنه بعد أن أثبتها، أزيلوها عنه، قلنا: بقولك لا نزيلها، لأن القصاص وجب بالإبانة وقد وجد ذلك " (١)

ولكن جزم ابن مفلح في الفروع بأنه يقتص من الجاني مرة ثانية، فقال:

"ولو رد الملتحم الجاني أقيد ثانية في المنصوص" (٢) واختاره المرداوي والبهوتي أيضاً. قال البهوتي:

"ومن قطعت أذنه ونحوها كمارنه قصاصاً، فألصقها فالتصقت، فطلب المجني عليه إبانتها، لم يكن له ذلك، لأنه استوفى القصاص. قطع به في المغني والشرح. والمنصوص أنه يقاد ثانياً، اقتصر عليه في الفروع، وقدمه في المحرر وغيره. قال في الإنصاف " (٣) في ديات الأعضاء ومنافعها: أقيد ثانية على الصحيح من المذهب. وقطع به في التنقيح هناك وتبعه في المنتهى. قال في شرحه: للمجني عليه إبانته، ثانياً، نص عليه، لأنه أبان عضواً من غيره دواماً، فوجبت إبانته منه دواماً لتحقيق المقاصة " (٤)

٢٠ - وأما المالكية، فقد ذكروا إعادة المجني عليه عضوه، كما نقلنا عنهم في المسألة الأولى، ولم يذكروا إعادة الجاني عضوه بعد القصاص بهذه الصراحة التي وجدناها في كتب الشافعية والحنابلة. ولكن وجدت للمسألة ذكراً مختصراً في كلام ابن رشد رحمه الله، حيث يقول:

"فإن اقتص بعد أن عادا لهيئتها، فعادت أذن المقتص منه أو عينه فذلك، وإن لم يعودا، وقد كانت عادت سن الأول أو أذنه فلا شيء له، وإن عادت سن المستقاد منه أو أذنه، ولم تكن عادت سن الأول ولا أذنه كرم العقل. قاله أشهب في كتاب ابن المواز " (٥)


(١) كتاب الروايتين والوجهين: ٢/٢٦٨، ثم تكلم هل يأمره الإمام بإزالتها لكونها نجسة؟ وسيأتي الكلام على ذلك في مسألة النجاسة إن شاء الله.
(٢) الفروع لابن مفلح: ٥/٦٥٥.
(٣) الإنصاف للمرداوي: ١٠/ ١٠٠.
(٤) كشاف القناع للبهوتي: ٥/ ٦٤١.
(٥) البيان والتحصيل لابن رشد: ١٦/٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>