للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثالثة

هل العضو المزروع في المسألتين نجس؟

٢٣ – كل ما قدمنا كان يتعلق بمسألة القصاص، وإنما نظرنا إلى الآن في مسألة زراعة العضو المقطوع من حيث إنه يعارض مقتضى الحكم بالقصاص أو لا؟ وقد رجحنا مذهب جمهور الفقهاء أن الزراعة لا تؤثر في أمر القصاص شيئاً، فما كان ثابتاً قبل الزراعة، يبقى ثابتاً بعدها، وما استوفي قبلها، لا يحكم بإعادته بعدها.

٢٤ - وننتقل الآن إلى مسألة أخرى، وهي: هل يجوز للمجني عليه أو الجاني ديانة أن يعيد عضوه المبان إلى محله؟ وهل يعتبر ذلك العضو طاهراً أم نجسأ؟ وهل تجوز الصلاة معه أو لا تجوز؟

٢٥ – وإنما نشأت هذه المسألة، لأن الفقهاء قد اختلفوا في العضو المبان من الحي، هل هو طاهر أم نجس؟ فذهبت جماعة إلى أن كل ما أبين من الحي فهو نجس على الإطلاق، استدلالا بقوله عليه السلام:

((ما قطع من حي فهو ميت)) (١)

وبما رواه أبو واقد الليثي رضي الله عنه، قال:

((قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وهم يجبون أسنمة الإبل، ويقطعون أليات الغنم، فقال: ما يقطع من البهيمة وهي حية، فهو ميتة)) (٢)

فذهب الشافعي رحمه الله إلى أن هذا الحكم عام لكل حي، فقال في كتاب الأم:

"وإذا كسر للمرأة عظم، فطار، فلا يجوز أن ترقعه إلا بعظم ما يؤكل لحمه ذكيا. وكذلك إن سقطت سنه صارت ميتة، فلا يجوز له أن يعيدها بعد ما بانت ... وإن رقع عظمه بعظم ميتة أو ذكي لا يؤكل لحمه، أو عظم إنسان فهو كالميتة، فعليه قلعه، وإعادة كل صلاة صلاها وهو عليه. فإن لم يقلعه جبره السلطان على قلعه (٣)


(١) أخرج الحديث بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك: ٤/٢٣٩، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وصححه وأقره الذهبي.
(٢) أخرجه الترمذي في الصيد، باب ما جاء ما قطع من الحي فهو ميت، رقم: (١٥٠٨) و (١٥٠٩)
(٣) كتاب الأم للشافعي: ١/ ٥٤ - باب ما يوصل بالرجل والمرأة.

<<  <  ج: ص:  >  >>