للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما نقلنا عنه في المسألة الثانية من قوله:

"وإن سأل المجني عليه الوالي أن يقطعه من الجاني ثانية، لم يقطعه الوالي للقود،

لأنه قد أتى بالقود مرة، إلا أن يقطعه، لأنه ألصق به ميتة" (١)

فهو في هذا السياق. فكأن الإمام الشافعي رحمه الله، حسب ما يبدو من كتاب الأم، لا يرى في إعادة الجاني عضوه مانعاً من حيث مخالفته لمقتضى القصاص، ولكنه لا يراه جائزاً من حيث أن العضو المبان نجس، فلا يجوز إلحاقه بالجسم، ولو ألحقه أمره السلطان بالقلع، لكونه مانعاً من صحة الصلاة.

٢٦ - ولكننا إذ نراجع كتب الشافعية المعتبرة، نجد أن معظمهم اختاروا طهارة جزء الآدمي، وإن بان منه حال حياته، فيقول النووي رحمه الله:

(الأصل أن ما انفصل من حي فهو نجس، ويستثنى الشعر المجزور من مأكول اللحم في الحياة ... ويستثنى أيضاً شعر الآدمي، والعضو المبان منه ... فهذه كلها طاهرة في المذهب، (٢)

وقال الشربيني الخطيب رحمه الله:

"والجزء المنفصل من الحيوان الحي ومشيمته كميتته، أي ذلك الحي، إن طاهراً فطاهر، وإن نجساً فنجس ... فالمنفصل من الآدمي أو السمك أو الجراد طاهر، ومن غيرها نجس) (٣)

ويقول الرملي، رحمه الله:

والجزء المنفصل بنفسه أو بفعل فاعل من الحيوان الحي كميتته طهارة وضدها ...

فاليد من الآدمي طاهرة، ولو مقطوعة في سرقة " (٤)

ويذكر الشبراملسي تحته:

"انظر لو اتصل الجزء المذكور بأصله وحلته الحياة، هل يطهر ويؤكل بعد التذكية أولا؟ ونظيره ما لو أحيا الله الميتة ثم ذكيت، ولا يظهر في هذه إلا الحل، فكذا الأولى (٥)


(١) كتاب الأم: ٦/ ٥٢.
(٢) روضة الطالبين: ١/ ١٥.
(٣) مغني المحتاج: ١/٨٠.
(٤) نهاية المحتاج: ١/٢١٨.
(٥) حاشية نهاية المحتاج: ١/٢٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>