للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل يستحب شرعاً للحاكم تلقين الرجوع عن الإقرار كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع ماعز حينما أقر أمامه في المسجد قائلاً له: ((لعلك مسستها أو لعلك قبلتها)) (١)

وفي السرقة روى يزيد بن خصيف رضي الله عنه قال: ((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بسارق، فقال: أسرقت ما أخاله سرق)) ؟ فقال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اذهبوا به فاقطعوه ثم احسموه ثم ائتوني به، ففعلوا به ذلك، فقال: تب إلى الله، فقال: تبت إلى الله تعالى، فقال: اللهم تب عليه)) (٢)

قال السرخسي في المبسوط: وفيه دليل على أن الإمام مندوب إلى الاحتيال لدرء الحد، وتلقين المقر الرجوع، ويدل عليه: ما رواه عن أبي الدرداء أنه أتي بسارق أو بسارقة فقال: أسرقت؟ قولي: لا. وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه أتي بسوداء يقال لها سلامة، فقال: أسرقت؟ قولي: لا، قالوا: أتلقنها؟ قال: جئتموني بأعجمية لا تدري ما يراد بها حين تفسر، فأقطعها؟!.

وفيه دليل أيضاً على أن المقر بـ السرقة إذا رجع درىء عنه الحد، وأن الرجل والمرأة في ذلك سواء.

وفيه دليل على أن القطع للزجر، لا للإتلاف، لأنه أمر بالحسم بعد القطع، وهو دواء وإصلاح يتحرز به عن الإتلاف.

وفيه دليل على أن التطهير من الجريمة لا يحصل بالحد إذا كان مصراً على ذلك، ولأنه خزي ونكال، وانما التطهير والتكفير به في حق التائب، فإنه دعاء إلى التوبة بقوله صلى الله عليه وسلم: ((تب إلى الله)) (٣)


(١) رواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس، ورواه أيضاً أحمد والبخاري بلفظ آخر.
(٢) تقدم تخريج الحديث عن أبي هريرة.
(٣) المبسوط: ٩/١٤١، ١٤٢، ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>