وأما إذا ثبت موجب الحد (الجريمة) بالشهادة فيجوز في رأيي - والله أعلم – إعادة اليد أيضاً إذا تاب السارق أو المحارب، وكان الحد من حقوق الله تعالى كحد السرقة (١) والحرابة والزنا والردة، وكانت حالات الإعادة قليلة أو نادرة، حتى لا يتجرأ الجناة على الجرائم والفواحش فإذا كثرت الجرائم بحيث صارت الجريمة ظاهرة فاشية فلا نجيز إعادة اليد أو العضو سداً للذرائع، وعملاً بمبدأ السياسة الشرعية التي تعالج فوضى مؤقتة، أو أمراً زمنياً طارئاً. ويجب عند الجمهور غير الحنفية إعادة المال المسروق إلى صاحبه. فهذه شروط أربعة لإعادة اليد إذا ثبتت الجريمة بشهادة الشهود.
وأدلة الجواز في هذه الحالة هي ما يأتي:
ا - لقد تم إعمال النص الشرعي الآمر بالحد بمجرد القطع أو البتر فيبقى ما عدا ذلك على أصل الإباحة الشرعية، فيمكن الاستفادة في عصرنا من معطيات التقدم الطبي العلمي، أما في الماضي فكان يظل موضع أثر القطع قائما على ما هو عليه، وهو مجرد أمر واقع لا يحتج به، كما لا يحتج بالوقائع التي لم تتعلق بها نصوص شرعية. قال السرخسي مبيناً مذهب الحنفية في أنه لا يجمع بين الحد وضمان المال المسروق، وقوله يفيدنا في بيان مدى إعمال النص:
قوله تبارك وتعالى:{جَزَاءً بِمَا كَسَبَا} فقد نص على أن القطع جميع موجب فعله؛ لأن في لفظ الجزاء إشارة إلى الكمال، فلو أوجبنا الضمان معه، لم يكن القطع – قطع يد السارق – جميع موجب الفعل، فكان نسخاً لما هو ثابت بالنص. أقول: وهذا عملاً بالقاعدة المقررة عندهم "عدم جواز الزيادة على النص إلا بقرآن أو بمكافىء للقرآن من الحديث المتواتر والمشهور".
(١) قال السرخسي: القطع في السرقة خالص حق الله تعالى، فوجوبه يعتمد الجناية على حق الله تعالى دون المساواة في الفعل والمحل المطلوبة في القصاص (المبسوط: ٢٦/١٣٢) .