للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضاف السرخسي قائلاً: وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا غرم على السارق بعد ما قطعت يده وفي رواية: لا غرم على السارق فيما قطعت يمينه فيه)) (١)

لكن إذا اجتمع في يد الجاني قطع في السرقة والقصاص بدىء بالقصاص وضمن السرقة؟ لأنه إذا اجتمع في اليد حقان: أحدهما لله تعالى، والآخر للعبد، فيقدم حق العبد، لحاجته إلى ذلك، وإذا استوفى القصاص، تعذر استيفاء القطع، فيضمن المسروق (٢)

٢ - لا سلطان للحاكم على المحدود بعد تنفيذ الحد، فإذا بادر السارق أو المحارب إلى إعادة يده أو رجله المقطوعة بعمل جراحي، فلا يحق للحاكم التدخل في شأنه، كما لا يحق له في الوقت الحاضر منعه من تركيب يد أو رجل صناعية، وتكون إعادة العضو الطبيعي أجدى وأنفع وأولى.

هذا مع العلم بأنه إذا قطعت اليد فالسنة أن تعلق في عنق صاحبها ساعة، أي مدة زمنية، فله الاحتفاظ بها.

٣ - لقد تحققت أهداف الحد المادية والمعنوية بتنفيذه، ففي القطع إيلام وتعذيب، وزجر ونكال، وتشهير وإساءة سمعة، ووخز للاعتبارات الأدبية والإنسانية، وكل ذلك تحقق بإقامة الحد شرعاً.

٤ - إن زراعة العضو من إنسان آخر كالقلب والكلية والرئة والعين أمر جائز للضرورة لإنقاذ حياة الإنسان، كما قرر مجمع الفقه الإسلامي في جدة في دورته الرابعة، فيجوز بالأولى لأي إنسان إعادة ما قطع من أعضائه أثناء إقامة الحد عليه.

٥ - التوبة تسقط جميع الحدود التي هي حق لله تعالى في مذهب الحنابلة، فليس في شرع الله وقدره عقوبة تائب البتة، كما قالوا (٣) لقوله عليه الصلاة والسلام: ((التائب من الذنب كمن لا ذنب له)) (٤)


(١) المبسوط: ٩/١٥٧.
(٢) المبسوط: ٩/١٨٥.
(٣) المغني: ٨/٢٩٥ وما بعدها، السياسة الشرعية لابن تيمية: ص ٦٧، أعلام الموقعين: ٢/٧٨، ٣/ ١٩، ٤/٣٩٨.
(٤) رواه ابن ماجه والطبراني في الكبير والبيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>