كما نهى سبحانه وتعالى عن كل ما يجر إلى أكل أموال الناس بالباطل فحرم التعامل بالربا وجعله من أكبر الكبائر لما يجلبه من الأحقاد والضغائن. وحرم المقامرة والرشوة ونحوهما وحرم أكل أموال اليتامى والضعفاء وأكل صداق المرأة إلا ما طابت به نفسها. وجملة القول: أن الاعتداء على أموال الناس بأي وجه من الوجوه حرام سواء أكان عن طريق الكذب أو التحايل أو المماطلة والنصب أو جحد العارية والغش في المعاملة وأكل الأجور ومنعها أصحابها إلى غير ذلك مما يستحله أصحاب النفوس الضعيفة.
وفي مقدمة هذه الكبائر جريمة السرقة التي نهى عنها الإسلام وحذر منها. وتحريمها ثابت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله، وإجماع السلف الصالح، وليس هذا محل تفصيله.
وقد رتب الله سبحانه وتعالى عليها حد قطع اليد مما يدل على أن فاعلها قد ارتكب كبيرة من الكبائر وفعل جرماً عظيما فقال تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ} .
فقد نصت هذه الآية الكريمة على أن عقوبة السارق قطع يده ولا خلاف بين الفقهاء ممن يعتد بقولهم في أن المراد بالقطع في الآية الكريمة:{فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} هو إبانة اليد وإزالتها لأن لفظ القطع موضوع لها حقيقة لتبادرها منه، والتبادر أمارة الحقيقة كما هو مقرر عند علماء اللغة.
قال ابن منظور في كتابه لسان العرب (١) القطع إبانة بعض أجزاء الجسم من بعض فصلاً، والقطع مصدر قطعت الحبل قطعاً والأقطع المقطوع اليد، ويد قطعاء أي مقطوعة.
والأحاديث الشريفة والآثار الصحيحة تؤيد هذا المعنى وتدل عليه. وليس هذا مكان ذكرها وتفصيلها.