قال ابن الجوزي: وقد سئل عن شدة العقوبة في السرقة في مقابل مال زهيد بينما اليد التي تقطع عقوبة لهذه الجريمة قيمتها لو اعتدي عليها يزيد أضعافاً مضاعفة على قيمة المسروق الذي تقطع فيه قال: لما كانت اليد أمينة كانت ثمينة فلما خانت هانت. اهـ (١)
ويقول الدكتور محمد فاروق النبهان: أود أن أشير إلى أن حد القطع هو حد من حدود الله أريد به حماية المجتمع من أخطار من يهددون أمنه واستقراره، فالسرقة جريمة من الجرائم الأساسية التي يعاني منها مجتمعنا المعاصر، وكم سقطت ضحايا نتيجة هذه الجريمة الشرسة التي لم تستطع القوانين الجزائية المعاصرة أن تضع حداً لها، بل إن الإحصائيات تشير إلى أن هذه الجرائم تزداد مع الزمن ولا تختص بالمجتمعات المتخلفة والفقيرة، وإنما هي ظاهرة نجدها بصورة أكثر شراسة ووحشية في المجتمعات المتقدمة والغنية، حيث نجد العصابات الإرهابية تأخذ طابعاً مميزاً في جرائمها الوحشية التي تأنف منها إنسانية الإنسان.
وإن الذين يتباكون على اليد المقطوعة التي روعت المجتمع بجرائمها أولى بهم أن يتباكوا أيضاً على الضحايا الذين يسقطون بالمئات نتيجة أعمال النهب والسلب في كل مجتمع من المجتمعات المعاصرة، ويد واحدة تقطع على ملأ من الناس كفيلة بردع كل مجرم، وزجر كل من تسول له نفسه أن يتخذ من السرقة باباً من أبواب الرزق.
(١) الحدود والأشربة في الفقه الإسلامي، تأليف أحمد الحصري، أستاذ الفقه المقارن بالجامعة الأردنية - الناشر مكتبة الأقصى عمان: ص ٣٧٤، ٣٧٥.