كما أن السرقة إذا انتشرت في قوم سادهم الخوف والقلق وعدم الاستقرار، وإذا سادت هذه الأشياء مجتمعاً من المجتمعات فلن يصلح حاله. ولن يتقدم مهما كانت أسباب التقدم فيه ولقد خلق الله المال حماية للإنسان يقول تعالى:{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} .. ويقول الشاعر:
أصون عرضي بمالي لا أدنسه
لا بارك الله بعد العرض في المال
ولا يمكن المحافظة على النفس، أو العقل، أو النسل إلا به. لذا كانت ضرورته للحياة ملحة وكان مقصداً شرعياً لتضامن الأدلة على حفظه ورعايته قال تعالى:{وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} .
والسارق لما أخذ مال غيره خفية وظلما، وبغياً وعدواناً، وكان أكبر مساعد له على فعله اليد التي امتدت لأخذه وانبسطت لسلبه، كانت أحق بالعقوبة دون سائر الجوارح لذلك أوجب الله قطعها، لأن بها البطش والسطو - زجراً واعتباراً كيلا تمتد يد لسرقه، ولا تحدث نفس صاحبها بها أصلاً - لأنه إذا علم أنه إن سرق بترت يمينه، وشوهت بنيته، ونقصت خلقته وصار مثلاً يضرب، وعاراً يذكره الناس به إذا مشى خصوصاً إذا علقت يده في عنقه. (على رأي من قال بذلك من العلماء أو حسبما يراه ولي الأمر نكاية وزجراً لغيره، امتنع عن مجر التفكير فيها، فلأجل هذا أوجب الدين الإسلامي قطع يد السارق ليكون ذلك ردعاً ومنعاً من هذه الفعلة الشنيعة وقطعاً لدابر من تسول لهم أنفسهم بإخافة المجتمع وتعكير صفوه.
فإن يد الإنسان عزيزة إذا كانت أمينة، فإذا خانت الأمانة هانت واستحقت القطع. وقال الشاعر في معنى ذلك:
عز الأمانة أغلاها وأرخصها
ذل الخيانة فافهم حكمة الباري
وباستقراء ما سبق وتأمله نكاد نستخلص من حد قطع اليد الأهداف التي منها ما يلي:
ا - الشريعة الإسلامية تهدف من العقوبات والحدود أن ينال الجاني جزاءه مقابل ما اقترفه من جريمة. وخصوصاً حدود الجرائم التي قررها الشارع الحكيم.