للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - في الأمر بتعليق يد السارق على عنقه حسبما يقول به بعض العلماء زيادة في التشهير به وبيان لبعض حكمة مشروعية القطع إذ بالتعليق يشتهر أكثر ويظهر أمره.

١٠ - كما أن في الأمر بالحسم لموضع القطع دليل على عدم جواز الإعادة إذ يعتبر بمثابة العلاج الذي يبقيها على حالتها بعد قطعها - والله أعلم.

١١ - أما في القصاص أيضاً فإن الحدود تعتبر موانع وزواجر، فإن الجاني بالقتل أو الجرح أو القطع إذا عرف أنه يؤخذ منه ما أخذ ويفعل به كما فعل كف عن فعلته التي أرادها.

١٢ - إقامة الحدود تعتبر أيضاً روادع وموانع قبل الفعل فالعلم بشرعيتها يمنع الإقدام على الفعل زواجر بعده أي أن إيقاعها بعده يمنع العود إليه.

١٣ - يعتبرها بعض العلماء جوابر بمعنى إن اقترف جريمة من جرائمها ثم أقيم عليه الحد، فإن إقامة الحد عليه تعتبر كفارة لجريمته إذا تاب منها وردعه أيضاً عن الإقدام على أن يفعل مثل ما فعل من جرم.

وجملة القول في ذلك:

ا - إن الشريعة الإسلامية جاءت لحفظ مصالح الخلق، ومقاصدها لا تعدو أن تكون ضرورية أو حاجية أو تحسينية.

(أ) فالضرورية هي التي لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا إذا تحققت أحكامها جرت أحوال العباد في دنياهم على استقامة، وفازوا في الآخرة بجنات النعيم، وإذا فقدت فاتتهم الحياة السعيدة، وعاشوا في تهارج وفساد، وباؤوا في الأخرة بالخسران المبين وتنحصر تلك الضروريات في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وهي مراعاة في جميع الشرائع الإلية.

(ب) والحاجية هي التي يراعى فيها التوسعة ورفع الضيق إلى المشقة والحرج لكنها دون ما شرعت له الضروريات، كالرخص في العبادات، وكالقراض والمساقاة وإلغاء التوابع في العقد على المتبوعات في المعاملات، وضرب الدية على العاقلة في الجنايات.

(ج) والتحسينيات هي التي شرعت لحفظ مكارم الأخلاق كالطهارات والتقرب بالنوافل المشروعة وآداب الأكل والشرب والمنع من بيع فضل الماء والكلأ وأمثال ذلك في العبادات والمعاملات والعادات.

<<  <  ج: ص:  >  >>