والبحث الثاني هو بحث فضيلة الشيخ القاضي محمد تقي العثماني، فإنه نقل عن المالكية أن إعادة المجني عليه في القصاص عضوه إلى محله لا يسقط به القصاص عن الجاني، أما الأرش ففيه ثلاث روايات: يسقط، ولا يسقط، ويسقط في الأذن لا في السن، لأن المنفعة في السن لا تعود إلى هيئتها أبداً، أما في الأذن فتعود، ونقل عن محمد بن الحسن، من الحنفية، أن إعادة العضو في الجناية الخطأ لا يسقط الأرش عن الجاني. ومذهب الشافعية في تقديره، كالمالكية، أن إعادة العضو لا يسقط القصاص ولا الأرش. وعند الحنابلة وجهان اختار القاضي أنه لا يسقط القصاص. فالقول الراجح، كما ذكر الأستاذ تقي، عند الجمهور، أن زرع المجني عليه لا يسقط القصاص ولا الأرش عن الجاني، وبناء عليه لو قطع العضو المزروع مرة ثانية فلا قصاص فيه عند الأكثرين من الفقهاء. ثم أوضح أن الشافعي جزم بأن إعادة العضو إلى محله لا يلغي استيفاء القصاص السابق، فلا يقتص منه مرة ثانية، ولا يخالف ذلك أمر القصاص، وللحنابلة وجهان الراجح عند القاضي أبي يعلى أن لا يقتص منه مرة ثانية، ورأى أشهب وابن المواز من المالكية أن إعادة الجاني عضوه لا يؤثر في القصاص إذا كان المجني عليه أعاد عضوه أيضاً فإن لم يعده يغرم الجاني الأرش، والحنفية يرون أنه ليس من حق المجني عليه أن يبقي العضو فائتاً على الدوام، فهم كالشافعية.
والخلاصة أن الجمهور يرون ألا يحكم بإعادة القصاص وينتهي القصاص بإعادة العضو.
ثم تكلم القاضي الشيخ تقي عن كون العضو المزروع نجساً أم لا؟ وذكر أن الراجح عند الشافعية أنه طاهر، وكذلك عند متأخري الحنفية بسبب حلول الحياة في العضو بعد الزرع، وكذلك الشأن عند المالكية ليس ما أبين من الآدمي نجساً بل هو طاهر. وعند الحنابلة روايتان والراجح الطهارة عند الأكثرين.
والخلاصة أن الراجح في المذاهب الأربعة طهارة هذا العضو الذي أعيد إلى محله مرة ثانية.