للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - استعمال أعضاء الإنسان:

إذا نقل عضو الإنسان أو جزء من جسمه منه وإليه كنقل بعض أوردة الرجلين إلى القلب أو كنقل بعض لحم الجسم إلى الوجه أو الأنف أو غير ذلك مما يقدره الأطباء المستقيمون فهذا جائز شرعاً بناء على قاعدة درء الضرر الأشد بالضرر الأخف وفي هذا يقول النووي رحمه الله: (لو أراد المضطرأن يقطع قطعة من نفسه من فخذه أو غيرها ليأكلها، فإن كان الخوف منه كالخوف في ترك الأكل أو أشد حرم القطع بلا خلاف وإلا ففيه وجهان أصحهما جوازه والثاني لا والصحيح الأول وإذا جوزناه فشرطه أن لا يجد شيئاً غيره، فإن وجد حرم القطع بلا خلاف) (١) والى هذا ذهب الحلي من الشيعة إذ قال: (وإذا لم يجد المضطر إلا ادميا ميتاً حل له إمساك الرمق من لحمه ولو كان حياً محقون الدم لم يحل ولو كان مباح الدم، حل له منه ما يحل من الميتة ولو لم يجد المضطر ما يمسك رمقه سوى نفسه قيل: يأكل من المواضع اللحمة كالفخذ وليس شيئاً إذ فيه دفع الضرر بالضرر ولا كذلك جواز قطع الأكلة لأن الجواز هناك إنما هو لقطع السراية الحاصلة وهنا أحداث) (٢) وإذا كان الإنسان يجوز له أن يأكل شيئاً من لحمه بمقتضى الضرورة فإن استعمال جزء منه في جزء آخر أولى بالجواز.

٥ - حكم نقل الأعضاء من إنسان إلى إنسان آخر:

وهو على صورتين، الصورة الأولى: نقل عضو واحد لا ثاني له في البدن أو ليس له بديل، وهذا كير جائز سواء أفضى إلى الموت كنقل القلب أولم يفض إلى ذلك ذلك كنقل اللسان أو الذكر ولا ضرورة تبيح للإنسان أن ينقذ نفسه على حساب هلاك نفس أخرى إذ لو أوشك أمرؤ أن يموت جوعاً فلا يجوز له أن يقتل غيره ليأكل من لحمه لأن الضرورة لا تبيح له ذلك البتة وكذلك لا يجوز له أن يأخذ من غيره عضوا لا بديل له كشراء لسانه أو إحدى يديه أو إحدى رجليه هذا ما ذهب إليه زميلنا الأستاذ الدكتور هاشم جميل ونحن نميل إلى هذا الرأي بتحفظ إذ لو شاءت الأقدار أن تقطع يد امرىء فإن هذه الإصابة مفضية إلى الموت البطىء، فإذا تبرع والده أو أخوه أو غير ما له بإحدى يديه فإن كلاً من المتبرع والمتبرع له لا يصاب بالمعاناة المميتة إذ الإنسان قادر على الحياة بيد واحدة أما اللسان والذكر فلا يجوز نقلهما أبداً من الحي إذ لا بديل لهما ولا يجوز لرجل أن يسعد نفسه على حساب هلاك غيره وإن كان ذلك النقل بإرادة المنقول منه قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [سورة النساء: الآية ٢٩] ، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [سورة البقرة: الآية ١٩٥] .


(١) انظر المجموع للنووي: ٩/٢٣.
(٢) انظر شرائع الإسلام للمال: ٣/ ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>