للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - إذا نقل عضو له بديل يقوم مقامه:

كالكلية والعين جاز ذلك إذا اقتضت الضرورة القصوى اعتماداً على الأدلة الآتية:

(أ) قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [سورة المائدة: الآية ٢] . وهل يوجد بر أجل وأزكى وأعظم ممن يريد انقاذ نفس مؤمنة أوشكت أن تهلك لولا ذلك التبرع.

(ب) قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [سورة المائدة: الآية ٣٢] . فالكلية قد تكون سبباً بالإحياء إذا نقلت إلى جسم العليل.

(ج) قوله صلى الله عليه وسلم: ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة)) (١) وهل ثم كربة أشد من كربة الموت لولا نقل تلك الكلية.

(د) قوله صلى الله عليه وسلم (("على كل مسلم صدقة " قالوا: فإن لم يجد، قال: "فيعمل بيده فينفع نفسه ويتصدق " قالوا: فإن لم يستطع أو لم يفعل، قال: "يعين ذا الحاجة الملهوف ")) (٢)

(هـ) ما ذهب إليه لا يتعارض مع حرمة إضرار الإنسان بجسده اذ الجهاد فرض وقد يحدث ما يحدث من إضرار بالنفس أو بالجسد والضرر في الله نفع لأن الأجر أعظم منه عند الله وقد يتضرر المتبرع ضرراً جزئياً أو معنوياً ومع ذلك فإن هذا الضرر أهون أمام ضرر السقيم الذي يفارق الحياة أو يفارق البصر جملة وتفصيلاً لولا نقل عضو المتبرع إليه.

(و) ما ذهبنا إليه لا يتعارض مع قول الشافعية الأجلاء: (لا يجوز للمضطر أن يقطع لنفسه جزءاً من إنسان غير معصوم الدم بلا خلاف وليس للغير أن يقطع من أعضائه شيئاً ليدفعه إلى المضطر بلا خلاف) (٣)


(١) أخرج المحدثون هذا الحديث بألفاظ متقاربة: البخاري (مظالم ٣) ، مسلم (بر ٥٩) ، أبو داود (أدب ٣٨) ، الترمذي (حدود ٣) ، ابن ماجه (مقدمة ١٧) .
(٢) البخاري (زكاة ٠ ٣) (أدب ٣٣) ، مسلم (زكاة ٥ ٥) ، النسائي (زكاة ٦ ٥) ، الدارمي (رفاق ٣٤) ، أحمد بن حنبل: ٤ /٣٩٥- ١ ١ ٤.
(٣) انظر المجموع للنووي: ٩/٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>