للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - هذا ما يتعلق بأعضاء الحي أما أعضاء الميت:

فإذا نظرنا إلى الحكم بلا ضرورة وجدنا الحرمة متجلية حفظاً على كرامة المؤمن، جاء في الفتاوى الهندية: الانتفاع بأجزاء الحي لم يجز، قيل للنجاسة وقيل للكرامة وهو الصحيح وفي موضع آخر نقلت الكراهة وهذا نص العبارة: قال محمد رحمه الله لا بأس بالتداوي بالعظم إذا كان عظم شاة أو بقرة أو فرس أو غيره من الدواب إلا عظم الخنزير والآدمي فإنه يكره التداوي بهما (١)

تحليل ذلك أن عظم الخنزير نجس لا يتطهر ولا يستعمل وهو باق على نجاسته وان ذكي، أما عظم الإنسان فهو طاهر إلا أن امتهانه حرام شرعأ، بهذا يجب مواراته حتى قلامة أظفاره يجب أن توارى لشرفها هذا ما ذهب إليه الفقهاء الآخرون.

جاء في الحديث الشريف: "كسر عظم الميت ككسره حياً" (٢) وهذا المنهج سديد لأنه مؤيد بالحديث الشريف ولكنه لا علاقة له بالضرورة لأن الضرورة حكم استثنائي يكون الحرام الذي ثبتت حرمته بالدليل القاطع مباحاً بحدود الضرورة المنجية من التلف ولو وجد إنسان أوشك أن يموت جوعاً إنساناً ميتاً أما يجوز له أن يأكل من أجزائه بحدود ما ينقذ نفسه من التلف؟.

روي عن الإمام مالك وعن الإمام المبجل أحمد بن حنبل وأكثر أصحابهما والظاهرية وأكثر الحنفية، وبعض فقهاء الشافعية لا يجوز أن يأكل ولو مات.

وذهب الفقهاء الآخرون إلى جواز أكل المضطر من لحم الميت هذا رأي الشافعية الراجح عندهم، وإلى هذا ذهب الإمامية وبعض فقهاء الحنفية ورجحه ابن العربي من فقهاء المالكية وإلى هذا ذهب ابن قدامة وأبو الخطاب من فقهاء الحنابلة ولعلى هذا هو الراجح عند الزيدية كما قال المرتضى، وقد احتج المانعون بالحديث المذكور آنفاً إلا أن أبا الخطاب قال: المراد بالحديث التشبيه في أصل الحرمة لا في مقدارها، بدليل اختلافهما في الضمان، والقصاص، ووجوب صيانة الحي بما لا يجب به صيانة الميت.


(١) انظر الفتاوى الهندية: ٥/ ٣٥٤.
(٢) أخرجه المحدثون بألفاظ متقاربة انظر الموطاً جنائزه ٤) ، أبو داود (جنائز ٦٠) ، ابن ماجه (جنائز ٦٣) ، أحمد بن حنبل ٦/٥٨، ٠ ٠ ١، ٠٥ ١، ١٦٩، ٠ ٢٠، ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>