إذا نظرنا إلى فلسفة الاقتصاد الإسلامي، فإنها تقوم على أساليب المشاركة بمختلف صورها، من المشاركة بالأموال ثم المشاركة الحقيقية في أرباحها، وخسائرها، أو المشاركة بالمال من جانب، والعمل والخبرة من جانب آخر، ثم مشاركة الطرفين في الربح، وفي الخسارة حيث خسر صاحب المال ماله، أو جزءًا منه، وخسر صاحب العمل عمله، وضاع عليه الوقت دون أن يربح، وهكذا، فالمشاركة في الربح والخسارة، وفي الغرم والغنم، وفي المخاطرة هي أساس الاقتصاد الإسلامي.
وهذا الأساس (أي المشاركة) هو الذي يمكن الاقتصاد من ربط الدورة الاقتصادية (أي إنتاج السلع والخدمات) بالدورة المالية (أي النقود) وحينئذ يتقلص خطر الانزلاق بين هاتين الدورتين، ذلك الانزلاق الخطير الذي سبب كوارث مختلفة للبنوك، والمؤسسات الاقتصادية، والأسواق المالية (١) .
وإذا كانت المشاركة ضمانًا لتقليص خطر الانزلاق، فإن هذا المبدأ يكمله مبدأ آخر إسلامي، وهو التكافل والتعاون، من خلال تخصيص جزء معين من أرباح الشركة للمخاطر، وذلك بأن يتنازل المساهمون عن نصيب ضئيل من أرباحهم يكمل به الخسارة التي تلحق بعض الصفقات، أو في بعض السنوات.
وهذا بلا شك لا مانع منه شرعًا بالنسبة للمساهمين، لأن الشركة أولًا وأخيرًا لهم، وهذا القدر يرحل إلى احتياطي الشركة وهو بدوره جزء منها.