للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: سوق الصرف الآجل: تعتمد سوق الصرف الآجل على نوعين هما:

١- تبادل سفاتج الصرف الآجلة، أي الحوالات الآجلة التي تتضمن أمرًا من طرف أول (ساحب) إلى طرف ثان (مسحوب عليه) ليدفع مبلغًا من العملة الأجنبية إلى طرف ثالث في تاريخ معين.

وتستعمل هذه السفاتج كوسيلة لتمويل التجارة الخارجية، إذ يمكن للمصدر أن يسحب سفتجة على المستورد بقيمة البضاعة، وبعملة بلد المستورد قابلة للدفع في تاريخ معين، ويقدمها للمستورد الذي يوقعها بالقبول محددًا المصرف الذي تصرف الحوالة لديه وحينئذ يحتفظ المصدر بالحوالة إلى أن يحين أجلها، أو يودعها لدى مصرفه لتحصيلها في وقتها (١) .

وهذه السفاتج تتميز بأن تظهيرها من جانب الطرف الثالث يجعلها تلقائيًّا قابلة للبيع، وتقبل الدفع بعد مرور ٣٠ يومًا أو ١٢٠ يومًا، ويختلف سعر الصرف عليها بما يساوي معدل الفائدة السائد في بلد الطرف الأول (٢) .

وحكم هذا النوع واضح حيث لا يجوز التعامل فيه لوجود ربا النسيئة وربا الفضل، وهو ما يؤخذ من الفوائد على التأخير، وعدم تحقق القبض الشرعي حيث يشترط بالنصّ والإجماع تحقق المماثلة واليد باليد (أي القبض الشرعي في المحلين) عند اتحاد الجنس، ووجوب القبض يدًا بيد عند اختلافه (٣) .

٢- العقود المؤجلة وهي شراء أو بيع عقد ينص على تسليم كمية محددة من العملة بسعر صرف متفق عليه سلفًا، حيث يتم دفع كل من الثمن وتسليم العملة في تاريخ مؤجل محدد.

وتستخدم سوق العقود كثيرًا من قبل المصارف لإجراء الصفقات الوقائية خوفًا من تقلب الأسعار، ولتغطية أرصدتها المستقبلية من العملات المطلوبة في حينها، حيث تستخدم جزءًا من القروض في شراء تلك العملة التي يجب عليها تسليمها في الوقت اللاحق شراءً منجزًا ثم يقرضونها بالخارج إلى موعد تسليمها بفائدة، أو بالعكس (٤) .

والخلاصة أن النقود لا يجوز بيعها وشراؤها إلَّا يدًا بيد، ومن هنا فهذه العملية غير جائزة شرعًا إطلاقًا لما تشتمل من ربا الفضل والنسيئة.

ثالثاً- سوق النقد الآجل للأجل القصير:


(١) د. معبد الجارحي: بحثه السابق: ص١٤؛ والمراجع السابقة.
(٢) المرجع السابق.
(٣) نص الحديث في ذلك هو قول النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تبيعوا الذهب بالذهب إلَّا سواء بسواء والفضة بالفضة إلَّا سواء بسواء، وفي رواية صحيحة أخرى بلفظ: الذهب بالذهب ربًا إلَّا هاء وهاء ... ، انظر لروايات الحديث في صحيح البخاري – مع الفتح -: ٤/٢٧٨ – ٢٨٣؛ ومسلم: ٣/١٢٠٨ – ١٢١٢؛ وأحمد: ٣/٤، ٥/٤٩؛ وسنن ابن داود – مع العون -: ٩/١٩٨ – ١٩٩؛ وابن ماجه: ٢/٧٥٧ – ٧٥٨؛ والترمذي: ١/٢٣٣؛ والنسائي: ٧/٢٤٠ – ٢٤٥؛ والسنن الكبرى: ٥/٢٧٦ – ٢٧٩؛ ونيل الأوطار: ٦/٣٤٠.
(٤) د. معبد الجارحي، بحثه: ص ١٤؛ والمراجع الاقتصادية السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>