للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التصَوّر الفعلي وَالتصَوّر الفِقهي

هذه العقود التي يكون موضوعها الخيار، هي عقود حادثة تمامًا ولا عهد للعالم ولا للفقهاء بها على النمط الذي بيناه أعلاه، ولما كانت عقودًا حادثة فإن الواجب يقتضي إجراءها على قواعد التعامل لتقوم على أساسها حتى يتبين حكمها في الإسلام للفرق الواضح في مبادئ الأحكام، بين حكم التعامل في الدول اللائكية، وبين حكم التعامل في النظام الإسلامي.

ففي الأنظمة اللائكية التي تفصل بين الدين والدولة تعتبر العقود عقودًا نافذة ومقبولة ما دام كل واحد من الطرفين أمضى العقد باختياره، وبدون إكراه أو خداع، أمَّا في التعامل الإسلامي فالإرادة الحرة وعدم التغرير لا يكفيان لسلامة العقود، بل لا بد ليكون العقد مقبولًا شرعًا أن يرد ما يدل على الإذن فيه، أو أن يكون غير منهي عنه وقواعد التعامل لا تنافيه.

هذا وقد يلتبس عقد الخيار بعقود مأذون فيها شرعًا، ومن ذلك بيع العربون.

بيع العربون:

ورد النهي عنه فيما رواه مالك في الموطأ عن الثقة عنده عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العربان.

وهذا الحديث لم يسم مالك عمن رواه، فقال ابن عبد البر الأشبه القول بأنه الزهري عن ابن لهيعة، وسماه ابن ماجه ورواه عن الفضل بن يعقوب الرخامي ثنا حبيب بن أبي حبيب أبو محمد كاتب مالك بن أنس ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (١) وفي هذا الإسناد حبيب كاتب مالك وعبد الله الأسلمي وكلاهما ضعيف، وروى الدارقطني والخطيب عن مالك عن عمرو بن الحرث عن عمرو بن شعيب وفي إسنادهما الهيثم بن يمان وهو مختلف فيه ورواه البيهقي من طريق عاصم بن عبد العزيز ثنا الحرث بن عبد الرحمن بن أبي ذياب عن عمرو بن شعيب – وعلق عليه البيهقي بأن عاصم بن عبد العزيز الأشجعي فيه نظر (٢) .


(١) ٢/٢١٩٣.
(٢) السنن: ٥/٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>