فالسؤال الذي يستحق البحث عن حكمه هو: هل يصح أن يصدر العاقد إيجابًا يلتزم به في المجلس وفي مدة معلومة تليه؟
هذا هو بيع الخيار الذي عرفه ابن عرفة بقوله: بيع وقف بته أولًا على إمضاء يتوقع، يقول الرصاع: إن في المذهب خلافًا – ثم قال: لعل الشيخ صحح القول بأنه منحل حتى ينعقد، قال الشيخ ابن عبد السلام: - وأكثر مسائلهم تدل على ذلك (١) .
وذكر الحطاب في التنبيه الحادي عشر على قول خليل:(أو تسوق بها فقال: بكم؟ قال: بمائة فقال: أخذتها) يقول ابن عرفة: كَتَبَ موثقٌ بيع مسافر. عبَّر عنه: بعت موضع كذا من زوجتي فلانة بكذا إن قبلت وبينه وبينها مسافة شهرين، فقال ابن عبد السلام مدة قضائه: لا أجيز هذا البيع على هذه الصفة، فبدلت الوثيقة بحذف إن قبلت، فقبلها. فلعله رأى الأول خيارًا، والثاني وقفًا. اهـ كلام ابن عرفة، ثم علق الحطاب: وانظر ما معنى قوله وقفًا؟
ويمكن أن يقال: إنما لم يجز الأول لأنه بيع خيار إلى أمد بعيد، بخلاف الثاني فإنه إقرار بيع، والذي يبدو لي أنه تحريف من الناسخ، وأن الأصل والثاني بتًّا لأن البت هو مقابل الخيار كما يدل عليه تعريف ابن عرفة من قوله:" وقف بته".
فالذي يستخلص من النصوص المتقدمة أن إيجاب البائع المستمر في الزمان المستقبل جائز إذا كانت المدة محددة، والفقهاء في تحديد المدة مختلفون، اقتصر بعضهم على ثلاثة أيام للحديث الوارد في ذلك:
(فقل لا خلابة، ولك الخيار ثلاثًا) ورأى بعضهم أن الخيار هو للمشتري وهو يختلف باختلاف المبيع.