للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث – المنفعة:

هي المقصود بعقد الإجارة بالأصالة سواء كانت منفعة آدمي، أو حيوان، أو عين من الأعيان، فهي المعقود عليها، والغاية من عقد الإجارة.

والمنفعة على اختلاف أنواعها ليست لها كينونة مستقلة عن الذوات والأعيان المستفادة منها، فمن ثم ارتبطت بها أحكام إباحة، وتحريمًا.

فـ (تجوز إجارة كل عين يمكن أن ينتفع بها منفعة مباحة، مع بقائها بحكم الأصل، كالأرض والدار، والعبد، والبهيمة والثياب ... ) (١) .

(وما حرم بيعه فإجاراته مثله، تحرم، لأنها نوع من البيع) (٢) .

واستثنى الفقهاء من هذا الضابط الفقهي الحر، والحرة، والوقف، وأم الولد، فإن هذه الأعيان برغم تحريم بيعها فإنها تجوز إجارتها (٣)

شروط العين المؤجرة:

لما لم تكن للمنفعة صفة الاستقلالية عن الأعيان؛ لكونها عرضًا من الأعراض لزم أن تتحقق في العين المعقود على منفعتها شروط، تحقيقًا لغرض عقد الإجارة وهي:

١- القدرة على تسليم العين المؤجرة، ليتمكن المستأجر منها، والقدرة على ذلك تشمل ملك الأصل، وملك المنفعة.

٢- بقاء العين المؤجرة بعد استيفاء المنفعة المعقود عليها، دون أن يعود ذلك عليها بالهلاك لها، أو لأجزاء منها.

٣- اشتمال العين المعقود عليها على المنفعة.

٤- معرفة العين المؤجرة، وذلك بـ (أن تكون معلومة علمًا يمنع المنازعة) (٤) .

وتنفرد المنفعة بشروط يلزم توافرها لصحة العقد، وهي:

١- أن يكون لها (قيمة مالية؛ ليحسن بذل المال في مقابلتها، وإلَّا بأن كانت محرمة، أو خسيسة كان بذل المال في مقابلتها سفهاً) (٥) .

٢- كون المنفعة مملوكة للمؤجر، أو مأذونًا له فيها) ، لأنها من بيع المنافع، فاشترط فيها ذلك كالبيع) (٦)

والمنفعة هي المقصود الأساس في هذا العقد، تتمثل بصورة واضحة جلية في: التسهيلات والتنظيمات التي تهيئها إدارة السوق، والأجر (العوض) ، المدفوع في مقابل تلك المنافع أشبه بدفع رسوم عضوية النوادي الثقافية، والمالية والاجتماعية، والمرافق كالحدائق المتخصصة المملوكة للأفراد، أو للدولة، فإن دفع الأجر المحدد للالتحاق بها، أو الدخول فيها مدة محددة يعطي دافع الأجر، (الرسم) حق الاستفادة من كافة التسهيلات والمرافق التي تهيأ فيها، في الزمن المحدد المتفق عليه مسبقًا.


(١) ابن قدامة، موفق الدين أبو محمد: المغني، طبعة جديدة بالأوفست، بعناية جماعة من العلماء، (بيروت: دار الكتاب العربي، عام ١٤٠٣هـ / ١٩٨٣م) : ٦/١٢٩.
(٢) البهوتي: كشاف القناع، ٣/٥٦١.
(٣) الرملي: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ٥/٢٧٠.
(٤) الكاساني، علاء الدين: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع: ٤/١٨٠.
(٥) الرملي: نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج. ٥/٢٦٩
(٦) البهوتي: كشاف القناع عن متن الإقناع: ٣/٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>