للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استخلاص الحكم الشرعي للاختيارات:

مما سبق من بيانات حول ماهية الاختيارات وملابساتها وتكييفها الشرعي يمكن الوصول إلى الرأي الشرعي التالي:

(أ) إن الاتفاق الذي يؤدي إلى الحصول على (اختيار) لقاء (ثمن الاختيار) لا يعتبر عقدًا، لأنه يفتقد محل العقد المعتبر شرعًا، وهو أيضًا يقصد منه التعاقد اللاحق في المستقبل. فهو إذن من قبيل (المواعدة) لا العقد. والمواعدة لا يشترط لها محل معتبر شرعًا لأنها تتناول أحيانًا أمورًا خارجة عن الحقوق والالتزامات كمن يتواعد مع غيره على زيارته، أو الخروج معه في سفر إلخ.

(ب) الثمن المبذول لإحكام هذه المواعدة التي يراد بها الحصول على إيجاب ملزم باعتباره شطر العقد يعتبر أكلًا للمال بالباطل، لأنه لم يدفع لتحقيق أو توثيق الشراء بل هو ثمن للاختيار، ولذا لم يعتبر جزءًا من ثمن المبيع كالأسهم وغيرها. فلا يستحق هذا الثمن لأن الإيجاب عبارة عن إرادة ومشيئة ومع ذلك ليس من الحقوق المالية التي يعتاض عنها فكيف بالإرادة التي هي من قبيل المواعدة في الاتفاق على تملك اختيار.

(ج) هذا الحق (الاختيار) غير قابل للنقل، بعوض أو بدونه، كما أن الإيجاب نفسه غير قابل للنقل، فلا سبيل إلى تسلسل تملك الاختيار.

(د) فإذا أهملنا حق الاختيار ووجهنا النظر إلى ما رافقه وهو الإيجاب الملزم لصاحبه خلال وقت فإن ذلك يمثل شطرًا للعقد ويخول الآخر حق القبول خلال الفترة المحددة (خيار العقد) وذلك إذا كان البائع يملك المبيع. وهذا نادر في الاختيارات، فإن تحقق وتحقق القبض فيما يشترط له، ثم اقترن به القبول فيكون هناك عقد على صفقة معينة فإن كانت معجلة التسليم فيها وإلَّا اشترط تعجيل الثمن كله لتنطبق عليها شروط بيع السلم.

(هـ) لا سبيل إلى بيع هذه الصفقة بيعًا آخر إلَّا بعد التأكد من ضمان المشتري لها أي دخولها في ضمانه، لكي يكون البيع المراد الإقدام عليه بيعًا حقيقيًّا أو ليمتنع تداخل الضمانين، ومن وسائل ذلك قبضه المبيع قبل بيعه ثانية أو ما ينوب مناب القبض مما يمنع تداخل الضمانين.

(و) بالاستقصاء تبين أن سلامة هذه البيوعات من المحاذير الشرعية غير حاصلة، وعليه فإن هذا البيع بما سبقه من اختيار وما لحقه من انتقال وملابسات حكمه التحريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>