للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المقرر شرعًا جواز أخذ أجر معلوم متفق عليه على كل من تحصيل الدين، أو توصيل الدين، وما يجوز أخذه من الطرفين يجوز أخذه من أحدهما كما هو الحال في عمولة السمسرة إذ يجوز اشتراطها على كل من البائع والمشتري أو على واحد منهما فقط.

ويرى البعض أن من المألوف أن يحصل المشتري على حسم يتراوح بين ١ % و ٥ % إذا تم الدفع خلال ثلاثين يومًا للباعة، فهذا يسهل على هؤلاء إعطاء شركة البطاقة بعض هذه النسبة لتحصيل ديونهم، ومن جهة أخرى فإن من يشتري حاجاته أو خدماته بالبطاقة لا يحصل على الحسم المعتاد أو على جميع نسبته لأن البائع يضع في اعتباره ما سينقص من المبالغ المستحقة له عند البيع بالبطاقة.

ولا بد من التنبيه على أن عملية تحصيل الدين بنسبة معلومة منه هي وكالة بأجر، وليس من التزامات الوكيل أن يؤدي للدائن من ماله، وإلَّا صارت كفالة، وهناك تضاد بين مقتضى الكفالة (لأنها عبارة عن ضمان) وبين مقتضى الوكالة (لأنها عبارة عن أمانة) ، والذي يجب على الوكيل أن يؤدي ما وُكِل بتحصيله بعد قيامه بالتحصيل فعلًا. ولكن في نظام البطاقة تحملت شركة البطاقة التزامًا لا يلزمها وهو أن تؤدي أولًا ثم تطالب المدينين، وذلك للسبب المشار إليه من إمكان التحكم في عملية الأداء دون عملية الاستيفاء. ومن الواجب شرعًا أن لا يكون القصد من عمولة التحصيل أو من زيادة نسبتها إيجاد مقابل لعملية تسديد الفواتير لمستحقيها قبل عملية تحصيلها، وإلَّا كان فيه إخفاء للمراباة ضمن الوكالة، وهذا ما لا يتوافر هنا للتفاوت الكبير في مدة الأجل الفعلي لكل من المديونية والتوفية للدين، وعدم الربط العقدي بينهما.

وجدير بالذكر أن في الواقع العملي ممارسة للصورة الممنوعة، فكثير من المتعاملين بالسمسرة أو العمولة على البيع للبضائع المملوكة لأصحابها يتقاضون عمولة وكالة كبيرة لأنها يراعى فيها التزامهم بالسداد الفوري لأثمان البضائع بمجرد بيعها ولو كان البيع بالأجل، وتخفى هذه الزيادة في عمولة الوكالة مقابلًا للإقراض الربوي المستتر.

<<  <  ج: ص:  >  >>