الأول: ما أصله الحظر كالذبيحة في بلد فيها مجوس وعبدة أوثان يذبحون فلا يجوز شراؤها وإن أمكن أن يكون ذابحها مسلمًا لأن الأصل التحريم فلا يزول إلَّا بيقين أو ظاهر، وكذلك إن كان فيها أخلاط من المسلمين والمجوس لم يجز شراؤها لذلك. والأصل فيه: حديث عدي بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أرسلت كلبك فخالط كلبًا لم يسم عليها فلا تأكل، فإنك لا تدري أيها قتله)) ، متفق عليه، فإما إن كان ذلك في بلد الإسلام فالظاهر إباحتها، لأن المسلمين لا يقرون في بلدهم بيع ما لا يحل بيعه ظاهرًا.
والثاني: ما أصله الإباحة كالماء يجده متغيرًا لا يعلم أبنجاسة تغير أم بغيرها، فهو طاهر في الحكم، لأن الأصل الطهارة، فلا تزول عنها إلَّا بيقين أو ظاهر، ولم يوجد واحد منهما، والأصل في ذلك حديث عبد الله بن زيد قال:" شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه في الصلاة أنه يجد الشيء، قال:((لا ينصرف حتى يسمع صوتًا، أو يجد ريحًا)) ، متفق عليه.
والثالث: ما لا يُعرف له أصل كرجل في ماله حلال وحرام، فهذا هو الشبهة التي الأوْلَى تَرْكُها على ما ذكرنا، وعملًا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه وجد ثمرة ساقطة، فقال:((لولا أني أخشى أنها من الصدقة لأكلتها)) . وهو من باب الورع.
فعلم من هذا أن المذهب الحنبلي على الكراهة في المجهول الذي اختلط حلاله بحرامه، وفي نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ٨/١٥٨: " ولا تحرم معاملة في أكثر ماله حرام ولا الأكل منه".