للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويوجه أيضًا بأن الحرام إذا كثر عليه الحلال استهلكه ويصير كالعين المستهلكة كقليل اللبن يغلب عليه الماء لا ينشر الحرمة عند ابن القاسم وأبي حنيفة خلافًا لأشهب والشافعي، قال في المنهج: وهل لعين ذي اختلاط؟ تنقل مغلوبة. إلخ (١) . وذكر هذه القاعدة ابن رجب في قواعده بعنوان: العين المنغمرة في غيرها إذا لم يظهر لها أثر فهل هي كالمعدومة حكمًا أو لا؟ فيه خلاف وذكر فروعًا كثيرة من الدراهم الحرام تختلط بالحلال وقد ذكروا قاعدة أخرى وهي أن الحرام لا يحرم حلالًا (٢) قال السيوطي: وهو لفظ حديث أخرجه ابن ماجه والدارقطني عن ابن عمرو مرفوعاً (٣) .

ووجه القول الثاني: بالمنع مطلقًا غلب الحرام أو لم يغلب: هو الشيوع، أي أن الحرام منشر غير متميز وهو الشطر الثاني في القاعدة التي ذكرناها، وهو أيضًا أن الأمر إذا دار بين الحلِّيَّة والحُرْمة غلبت الحرمة احتياطًا.

وقال السيوطي في الأشباه والنظائر:

القاعدة الثانية: إذا اجتمع الحلال والحرام غلب الحرام. وأورد جماعة حديثًا بلفظ: ((ما اجتمع عليه الحلال والحرام إلَّا غلب الحرام)) قال الحافظ أبو الفضل العراقي والأصل له، وقال السبكي في الأشباه والنظائر نقلًا عن البيهقي: هو حديث رواه جابر الجعفي رجل ضعيف عن الشعبي عن ابن مسعود وهو منقطع، قلت وأخرجه من هذا الطريق عبد الرزاق في مصنفه وهو موقوف على ابن مسعود لا مرفوع، ثم قال ابن السبكي: غير أن القاعدة في نفسها صحيحة، قال الجويني في السلسلة: " لم يخرج منها إلَّا ما ندر".


(١) راجع المنهج بشرح الشنقيطي: ص٢٧.
(٢) القواعد، لابن رجب: ص٢٩-٣٠.
(٣) الأشباه والنظائر: ص٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>