للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأوحى الله إليه أن أدخل يدك فيه، فإذا هو مبلُولٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليْس منَّا منْ غشَّ (١).

٣ - وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعامٍ، وقدْ حسَّنه (٢) صاحبه، فأدخل يده فيه، فإذا طعامٌ ردئ فقال: بعْ هذا على حدةٍ (٣)، وهذا على حدةٍ، فمنْ غشَّنا فليْس منَّا. رواه أحمد والبزار والطبراني، ورواه أبو داود بنحوه عن مكحول مرسلاً.

٤ - عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السوق فرأى طعاماً مصبَّراً (٤). فأدخل يده فأخرج طعاماً رطباً (٥) قد أصابته السماء، فقال لصاحبها: ما حملك على هذا؟ قال: والذي بعثك بالحقّث إنه لطعامٌ واحدٌ. قال أفلا عزلْت الرَّطب على حدتهث (٦) واليابس على حدتهث فتتبايعون (٧) ما تعرفون، منْ غشَّنا فليْس منَّا. رواه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد.

٥ - وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من غشنا فليْس منَّا، والمكر، والخداع (٨) في النار. رواه الطبراني في الكبير والصغير بإسناد جيد، وابن حبان في صحيحه.


(١) الغش: ضد النصح من الغشش، وهو المشرب الكدر، وقوله: ليس منا: أي ليس من أخلاقنا، ولا على سنتنا أهـ نهاية. غش: لا يمحضه النصح أو أظهر له خلاف ما أضمره.
(٢) مدحه وزخرفه.
(٣) أي بع الجيد وحده، والصنف الردئ وحده، ولا تخلط لأن الإسلام يدعو إلى الأمانة وخوف الله وعدم التدليس.
(٤) مجففا يعيش زمنا.
(٥) لبنا نديا نزل عليه ماء.
(٦) حدته كذا ط د ع ص ٥٧٨، وفي د حدة. يؤنبه صلى الله عليه وسلم ويزجره ويردعه ليعزل كل صنف: الرطب وحده، واليابس وحده، فيقدم المشتري، ويأخذ ما يريد بلا غش، ولا خديعة.
(٧) أي يحصل تبادل ومبايعة في الظاهر.
(٨) الخبث والحيل الجالبة الغش، مكر من باب قتل خدع، والخدع والخديعة: سوء النية مع اللؤم وجلب المنفعة في سوء طويلة، والحرب تخدع الرجال وتمنيهم. وفي غريب القرآن: المكر: صرف الغير عما يقصده بحيلة، وذلك ضربان: مكر محمود وذلك أن يتحرى بذلك فعل جميل وعلى ذلك قال (والله خير الماكرين) ومذموم وهو أن يتحرى به فعل قبيح. قال تعالى (ولا يحيق المكر السيء السيء إلا بأهله. وإذ يمكر بك الذين كفروا، فانظر كيف كان عاقبة مكرهم) وقال بعضهم: من مكر الله إمهال العبد وتمكينه من أغراض الدنيا ولذلك. قال أمير المؤمنين رضي الله عنه: من وسع عليه دنياه، ولم يعلم أنه مكر به فهو مخدوع عن عقله أهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>