فحسبى بقاء الله من كل ميت ... وحسبى حياة الله من كل هالك وقد ذاق هذا الموت من كان قبلنا ... ونحن نذوق الموت من بعد ذلك فإن مت فاذكرنى بذكر محبب ... فقد كان جما في رضاك مسالكى وإلا ففى دبر الصلاة بدعوة ... يلقى بها المسجون في نار مالك عليك سلام حيا وميتاً ... ومن بعد ما تحيا عتيقاً لمالك ثم دخل عليه أبو المنذر يعلى بن مخلد المجاشعى، وقال: كيف ترى مابك يا حجاج من غمرات الموت وسكراته؟ فقال: يا يعلى، غما شديداً وجهداً جهيداً وألما مضيضاً، ونزعا جريضاً؛ وسفراً طويلا وزاداً قليلا، فويلى ويلى إن لم يرحمنى الجبار، فقال له يا حجاج: إنما يرحم الله من عباده الرحماء الكرماء أولى الرحمة والرأفة والتحنن والتعطف على عباده وخلقه. أشهد أنك قرين فرعون وهامان لسوء سيرتك، وترك ملتك، وتنكبك عن قصد الحق وسنن المحجة وآثار الصالحين، قتلت صالحى الناس فأفنيتهم، وأبرت عثرة التابعين فتبرتهم، وأطعت المخلوق في معصية الخاق، وهرقت الدماء، وضربت الأبشار، وهتكت الأستار، وسست سياسة متكبر جبار. لا الدين أبقيت، ولا الدنيا أدركت، أعززت بنى مروان، وأذللت نفسك، وعمرت دورهم، وأخربت دارك، فاليوم لا ينجونك ولا يغيثونك، إذا لم يكن لك في هذا اليوم ولا لما بعده نظر، لقد كنت لهذه الأمة اهتماما واغتماما وعناء وبلا، فالحمد لله الذى أراحها بموتك، وأعطاها مناها بخزيك (قال) فكأنما قطع لسانه عنه، فلم يحر جوابا، وتنفس الصعداء، وخنقته العبرة، ثم رفع رأسه، فنظر إليه، وأنشأ يقول: رب إن العباد قد أيأسونى ... ورجائى لك الغداة عظيم أهـ ص ١٧٤ أمالى النوادر. اللهم قنا عذابك، ونجنا من الهول، ووفقنا للعبادة إنك المستعان، واجعلنا من المعتبرين أولى الأبصار الموحدين الأبرار يارب.