للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترغيب في صلاة الاستخارة وما جاء في تركها

١ - عن سعد بن أبى وقاصٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سعادةِ ابن آدم استخارته الله عز وجل. رواه أحمد وأبو يعلى والحاكم، وزاد: ومن شقوةِ ابن آدم: تركه استخارة الله. وقال: صحيح الإسناد كذا قال، ورواه الترمذي، ولفظه:

من (١) سعادة ابن آدم: كثرة استخارة الله تعالى، ورضاه بما قضى الله له، ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله تعالى وسخطه بما قضى الله له.

وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبى حميد، وليس بالقوىّ عند أهل الحديث، ورواه البزار، ولفظه:


= فيه أن الإنسان يتذلل إلى الله ويتضرع، ويكثر من سؤاله والثناء عليه جل وعلا ليجيب طلبه. قال تعالى:
أ - (وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لايشكرون. وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون. وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب مبين) ٧٣ - ٧٥ من سورة النمل. الله تعالى. صاحب النعم العظيمة على عباده عليم بالخافى والظاهر مقرر في اللوح المحفوظ.
أيها المسلم: افقه هذا الباب واحفظ هذا الدعاء وثق أن ربك خزائنه لا تنفد واطلب منه جل جلاله ما تشاء واملأ قلبك إيمانا به، وثقة بوجوده، ونصره لمن التجأ إليه تعالى واحتقر ما سوى الله، واعلم كما قال صلى الله عليه وسلم: (أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشئ قد كتبه الله لك) وعليك بأداء حقوق الله وواجباته. قال الله تعالى:
أ - (ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور) ٢٢ من سورة لقمان.
ب - (لله ما في السموات والأرض إن الله هو الغنى الحميد) ٢٦ من سورة لقمان.
(١) يبين الله تعالى للمسلم عسى أن يلجأ إليه سبحانه وتعالى في مهام أموره صغيرها وكبيرها جليلها ودقيقها كما قال صلى الله عليه وسلم: (ليسأل أحدكم ربه حتى في شسع نعله) وقد أخبر صلى الله عليه وسلم عن علامات السعادة ودلائل الخير، وطرق النجاح أن تلجأ للتفويض لمولاك، وتسلم إليه جل جلاله زمام أمرك. وتجعل نفسك منقادة له ذليلة مطاعة منتظرة رحمته، وثابة إلى عبادته راغبة في إحسانه؛ ومن الخيبة والخسران الجموح عن استشارة الله واستخارته في أعمالك قبل البدء فيها، ومن الطرد والبعد والجفاء والغلظة نكران فضل المنعم، والتبجح بثاقب رأيه، وحسن إدارته، ولا يلجأ إلى مولاه يستخيره. أهذا خير يارب فأقدم أو شر فأحجم؟ وإن من الحكمة أن ترضى بفعل الله، وتتقبل الحوادث بثغر باسم، ونفس مطمئنة، وصدر منشرح. لماذا؟ لأنك تعتقد في وجود الله الفعال (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) أما إعلانك الحرب على الله، والسخط بقضاء الله، فهذا قلة أدب وفجور وفسوق وكفران مع أن السخط لا يجدى شيئاً ولا يدفع ضرا، ومن رأفته صلى الله عليه وسلم بأمته إرشاده صلى الله عليه لسبل استخارة الله تعالى (يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها) قال الشوكاني: دليل على العموم، وأن المرء لا يحتقر أمراً لصغره، وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه، فرب أمر يستخف بأمره فيكون في الإقدام عليه ضرر عظيم، أو في تركه. أهـ ٦٢ جـ ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>