للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول: أربع قبل الظهر، وبعد الزوال تُحسب (١) بمثلهن في السحر، وما من شئٍ إلا وهو يسبح الله في تلك الساعة، ثم قرأَ: (يَتَفَيِّؤُا (٢)

ظلاله عن اليمين والشَّمائل سُجَّداً لله وهم داخرون). رواه الترمذي في التفسير من جامعه، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث على بن عاصم.

[الترغيب في الصلاة قبل العصر]

١ - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال:


(١) في نخسة: يحسب، أي يعد ثوابها مثل أربعة في السحر قبيل الفجر.
(٢) يتفيأ أي يتميل، وتنتقل من جانب إلى جانب آخر، والفئ: مطلق الظل قبل الزوال أو بعده (سجدا لله) خاضعين بما يراد منهم من طول وقصر وتحول. وعن مجاهد: إذا زالت الشمس سجد كل شئ، وهم داخرون: صاغرون (أو لم يروا إلى ما خلق الله من شئ يتفيأ ظلاله عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون) ٤٩. من سورة النحل. أي أولمينظروا إلى المخلوقات التى لها ظلالها متفيئة مائلة عن جانبى كل واحد منها مستسلمين بالطبع أو بالاختيار. يقال سجدت النخلة: إذا مالت لكثرة الحمل، وسجد البعير إذا طأطأ رأسه ليركب. أو سجد حال من الظلال: أىلظلال مستسلمة، وهى صاغرة ذليلة، والمعنى يرجع الظلال بارتفاع الشمس وانحدارها أو باختلاف ملصقة بها على هيئة الساجد، والأجرام في أنفسها صاغرة داخرة منقادة لأفعال الله تعالى وجمع داخرون لأن من جملتها الإنسان العاقل (ولله يسجد ما في السموات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون ٤٩ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) ٥٠: أي من الطاعة والتدبير. أي يسجدون لأنهم يخافون الله جل وعلا أن يرسل عذابا من فوقهم أو يخافونه وهو فوقهم بالقهر كقوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده) ومن خاف الله تعالى لا يستكبر عن عبادته، والملائكة الحفظة وغيرهم. قيل المراد بسجود المكلفين طاعتهم وعبادتهم، وسجود غيرهم انقيادهم لإرادة الله .. وفيه دليل على أن الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهى، وأنهم بين الخوف والرجاء، فالحديث: (أربع قبل الظهر وبعد الزوال تحسب بمثلن في السحر): أي المحافظة علىربع ركعات قبل الظهر وبعده تجلب ثواب من صلى أربعة تهجدا والناس نائمون وهو في صفاء ونقاء وإخلاص بينه وبين ربه في وقت السحر وقت التجلى والغفران. وفيه الحث على أدائها والمحافظة عليها رجاء كثرة الثواب وزيادة الأجر وانضباب الرحمات، ثم أخبر أن الحجر والمدر والنبات وكل شئ يسبح بحمد الله في هذا الوقت (الزوال) وقت أول الظهر وتلا هذه الآية صلى الله عليه وسلم ليرشد أمته إلى الإسراع بصلاتها وإدراك حسناتها وأخذ قسط وافر من بدائع فضل الله، قال تعالى مؤيداً هذا المعنى وأن كل ما خلق الله يتذلل له ويسبحه ويمجده رغما عن أنوف الكفرة والفسقة (سبحانه وتعالى عما يقولون علواً كبيرا ٤٤ تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليماص غفوراً) ٤٥. من سورة الإسراء.
أي ينزهه عما هو من لوازم الإمكان، وتوابع الحدوث بلسان الحال حيث تدل بإمكانها وحدوثها على الصانع القديم الواجب لذاته، والصنعة تدل على الصانع:
وكل شئ له آية ... تدل على أنه الواحد

<<  <  ج: ص:  >  >>