أرجو الله جلَّ وعلا أن يتفضل علىّ بقبول عملى هذا، ويجعله خالصا لوجهه الكريم، ويهب لنا صحة وتوفيقا ورضا النبىّ صلى الله عليه وسلم، مصدر الخير وشمس السعادة، وكوكب السيادة، ويتفضل علىّ، وأنا الحقير الذليل بالهداية لعلى أسلك سبيل هؤلاء الأعلام.
ولى كلمة عن أثر صاحب هذا المؤلف (الترغيب والترهيب).
[الحافظ المنذري]
(٥٨١ - ٥٦٥ هـ)
هو الإمام المحدّث والشيخ الحافظ المتقن (عبد العظيم بن عبد القوى بن عبد الله بن سلامة بن سعد) الحافظ الكبير الورع الزاهد شيخ الإسلام زكىّ الدين أبو محمد المنذري الشامي المصري وليّ الله والمحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثَّبْت الحجة الذي أنفق حياته في طلب العلم وتعليمه، وشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخريجه، والذي بيّن صحيحه وحسنه ومرسله وضعيفه، وأفاد العالَم بذكر رواة الحديث، واتقى ربه فأثمر علمه وأخلص في عمله فأينعت تعاليمه، وجاهد في الله حق جهاده، فبارك الله في تلاميذه، وكان لنا مَثَلا أعلا وقدوة حسنة. كان رحمه الله مجاب الدعوة يتبرك به في زمانه ويهرع إليه في استفتائه، ونقل العلم عنه وهو صاحب الأيادى البيضاء، والمآثر الغراء، والدرر البهية في التوضيح للغامص وتفهيم الخفىّ. قال عنه تاج الدين السبكى في طبقاته (نزجى الرحمة بذكره ويستنزل رضا الرحمن بعلمه).
كان رحمه الله تعالى قد أوتى بالمكيال الأوفى من الورع والتقوى والنصيب الوافر من الفقة؛ وأما الحديث فلا مراء في أنه أحفظ أهل زمانه، وفارس أقرانه، له القدم الراسخ في معرفة صحيح الحديث من سقيمه، وحفظ أسماء الرجال، مفرط الذكاء، عظيم الخبرة بأحكامه والدراية بغريبه وإعرابه واختلاف كلامه.
مولده وأستاتذته
ولد في غرة شبعان سنة ٥٨١ هجرية، وتفقه على الإمام أبى القاسم عبد الرحمن بن محمد القرشى الورّاق، وسمع من أبى عبد الله الأرياحى وعبد المجيب بن زهير ومحمد بن سعيد المأمونى وسمع من المطهر بن أبى بكر البيهقى وربيع اليمن الحافظ، والحافظ الكبير على بن الفضل المقدسى وبه تخرج، وتوفى في الرابع من ذي القعدة سنة ٦٥٦ هـ.