للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترهيب من الطيرة]

١ - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم قال: الطِّيَرَةُ شِرْكٌ (١). الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، الطِّيَرَةُ شِرْكٌ، وَمَا مِنَّا إِلاَّ (٢) وَلكِنَّ اللهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ (٣). رواه أبو داود، واللفظ له والترمذي وابن حبان في صحيحه، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

[قال الحافظ]: قال أبو القاسم الأصبهاني وغيره: في الحديث إضمار والتقدير وما منا إلا وقد وقع في قلبه شيء من ذلك، يعني قلوب أمته، ولكن الله يذهب ذلك عن قلب كل من يتوكل على الله، ولا يثبت على ذلك، هذا لفظ الأصبهاني، والصواب ما ذكره البخاري وغيره أن قوله: وما منا إلى آخره من كلام ابن مسعود مدرج غير مرفوع.

[قال الخطابي]: وقال محمد بن إسماعيل: كان سليمان بن حرب ينكر هذا الحرف، ويقول: ليس من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأنه قول ابن مسعود، وحكى الترمذي عن البخاري أيضاً عن سليمان بن حرب نحو هذا.

٢ - وَعَنْ قَطَنِ بْنِ قَبِيصَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم يَقُولُ: الْعِيَافَةُ (٤).


(١) التشاؤم عند ظهور ما يكرهه الناظر أو التفاؤل عند وجود شيء سار، وكانت العرب إذا أرادت المضي لمهم مرت بمجاثم الطير وأثارتها لتستفيد تمضي أو ترجع، فنهى الشارع عن ذلك وقال "لا هام ولا طيرة" وقال "أقروا الطير في وكناتها" أي على مجاثمها، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المتشائم الذي يعتقد تأثيراً لغير الله مشرك إذ الأفعال كلها لله وحده، والمؤثر هو الله وحده. قال تعالى [وعلى الله فليتوكل المؤمنون] (١١) من سورة إبراهيم.
(٢) أي كل واحد تعرض له أمور.
(٣) أي يذهب الله ما يعرض عليه بالاعتماد عليه جل وعلا وتنفيذ العزيمة والإرادة الصارمة بالتوكل، والتفويض إليه سبحانه كما قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون [وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد] (٤٤) من سورة غافر.
ب - وقال تعالى: [وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون] (١٢) من سورة إبراهيم.
جـ - وقال تعالى: [ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره] من سورة الطلاق.
فمن أحجم عن عمل متشائماً مما رأى غير جاعل لربه التصريف والتأثير فهو مشرك ملحد زنديق غير مسلم والمؤمن يعتقد أن كل شيء من الله [وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين] (٢٩) من سورة التكوير.
(٤) زجر الطير، وهو أن يرى غراباً فيتطير به أهـ مصباح، ويدخل في ذلك كل من تشاءم في مقابلة جرة =

<<  <  ج: ص:  >  >>