(هـ) وقال تعالى: "محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم" من سورة الفتح. ومن الرحمة إجابة الداعي والشفاعة في إزالة كربه وتيسير أموره ووجود عمل له يدأب في كسب رزقه. (و) وقال تعالى: "والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم" (٧١ من سورة التوبة). أي يختار المؤمن أخاه ولياً يستشيره في بعض أموره وينصحه ويعاونه ويقضي حاجته، فالصغير يحترم الكبير ويوقره ويتخذه رئيساً له، والكبير يرحم الصغير ويحبه ويسعى في مهام أموره، وقد حكى الله عن المنافقين (ويقبضون أيديهم): أي لا يشفعون لأحد في المبار، وقبض اليد كناية عن الشح (نسوا الله فنسيهم): أي أغفلوا ذكر الله وتركوا طاعته فتركهم من لطفه وفضله. (١) يعاتبه ويقول إنك لتستحي وينصحه. (٢) اتركه على هذا الخلق السيئ، ثم زاده في ذلك ترغيباً لحكمة بأنه من الإيمان، وإذا كان الحياء يمنع صاحبه من استيفاء حق نفسه جر له ذلك تحصيل أجر ذلك الحق لاسيما إذا كان المتروك له مستحقاً، وقال ابن قتيبة: معناه أن الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما يمنع الإيمان فسمى إيماناً كما يسمى الشيء باسم ما قام مقامه، وحاصله أن إطلاق كونه من الإيمان مجاز، والظاهر أن الناهي ما كان يعرف أن الحياء من مكملات الإيمان فلهذا وقع التأكيد. قال الراغب الحياء انقباض النفس عن القبيح، وهو من خصائص الإنسان ليرتدع من ارتكاب كل ما يشتهي فلا يكون كالبهيمة، وهو مركب من جبن وعفة فلذلك لا يكون المستحي فاسقاً وقلما يكون الشجاع مستحياً، وقد يكون لمطلق الانقباض كما في بعض الصبيان انتهى ملخصاً. وقال غيره هو انقباض النفس خشية ارتكاب ما يكره أعم من أن يكون شرعياً أو عقلياً أو عرفياً، ومقابل الأول فاسق. والثاني مجنون والثالث أبله. أهـ فتح ص ٥٦ جـ ١.