مذهبه وسطا بين أهل الرأى مثل أصحاب أبى حنيفة وبين أهل السنة من مثل أصحاب مالك وأحمد.
وفاته: توفى سنة ٢٠٤، ودفن بالقرافة، وقبره بها مشهور حتى صارت تنسب إليه، وكان الشافعي أفضل من رأى الناس ذكاء وعقلا وحفظا وفصاحة لسان وقوة حجة، ولم يناظر أحد إلا ظهر عليه، وكان يقول: ما ناظرت أحد إلا وددت أن يظهر الحق على يديه.
وجملة القول: أنه كان إماما في كل شئ حتى الرمى فكان يصيب تسعة من عشرة.
مؤلفاته: ومن كتبه التى أملاها على أصحابه (المبسوط) الذى سمى في مصر باسم الأمّ، وأكثر الناس على أنه أول من صنف في أصول الفقه، وله كتب أخرى كثيرة.
[الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه]
(١٦٤ - ٢٤١ هـ)
مولده ونشأته: هو إمام أهل السنة، وأفقه أهل زمانه. الحافظ الحجة (أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبانى) ولد ببغداد سنة ١٦٤ ونشأ بها يتيما، وطلب الحديث لست عشرة سنة. وقد كثرت رواته، وعرفت ثقاته، وتميز صحيحه، فجاب الأقطار الإسلامية في تلقيه وجمعه حتى حفظ ألف ألف حديث، تنحل منها أربعين ألفا ونيفا، قدوّنها في كتابه المسند، وهو من أصحاب الشافعي وصفوة تلاميذه. وقد قيل فيه وهو راحل إلى مصر خرجت من بغداد وما خلفت بها أتقى ولا أفقه ولا أزهد ولا أروع ولا أعلم من ابن حنبل.
ورعه وزهده: استنبط مذهبه من الكتاب والسنة وشابه بشئ من القياس فقلّ أتباعه لبعده عن الاجتهاد وتمسكه بالرواية. وتصدى هو وشيعته لمجادلة المتكلمين، ومناضلة الفلاسفة في عصر الرشيد والمأمون، ودعى إلى الخَلق: أي القول بخلق القرآن زمن المتعصم، فأبى، فضرب تسعة وعشرين سوطا حتى تقطر دمه، وغاب رشده، واعتل جسمه، ولم ينعم باله، إلا في عهد المتوكل، وعاش في التوقى والجدّ والعمل، وخشى الله حتى انتقل إلى دار كرامته ومثوبته سنة ٢٤١ هجرية فشيعه ثمانمائة ألف رجل وستون ألف امرأة مما يدل على مكانته العالية في نفوس المسلمين، ورفعة شأنه وعلوّ قدره.
قال قتيبة: أحمد إمام الدنيا. وقال إبراهيم الحربي: كأن الله قد جمع له علم الأولين والآخرين.
أيها المسلمون: هذه ترجمة سيدنا أحمد الذي كان يعبد الله ليل نهار، ويخشى بأسه، ويرجو رحمته ويرحل إلى تمحيص حديث سيد الخلق، وقد عمل له مذهبا يعبد الله على منهجه خلق