هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب القرشى المطلبى عالم قريش وفخرها، وإمام الشريعة وحبرها.
وهو من ولد المطلب بن عبد مناف، ويجتمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف.
مولده ونشأته: ولد الشافعي بمدينة غزّة من أرض فلسطين سنة ١٥٠، وحمل إلى مكة وهو ابن سنتين، فنشأ بها، وما ميز حتى صار نادرة الدنيا ذكاء وحفظا. حفظ القرآن وهو ابن تسع سنين، وأولع بالعربية من النحو والشعر واللغة، وتتبعها من رواتها، ورحل إلى البادية في تطلبها، ولم يناهز سن البلوغ حتى حفظ منها شيئا كثيرا. وبينما هو يترنم بشعر للبيد زجره بعض الحَجَبة عن أن يكون مثلُه في شرفه ونسبه راوية للشعر وقال له تفقه يعلمك الله، فانتفع بهذا الكلام وحفظ موطأ مالك، وأفتى وهو ابن خمس عشرة سنة. ثم رحل في هذه السن إلى مالك بالمدينة وقرأ عليه الموطأ من حفظه، فقال مالك: إن يكن أحد يفلح فهذا الغلام، وضافه مالك على رقة حاله وقتئذ وخدمه بنفسه، فبقى عنده مدة. ثم رجع إلى مكة وعلم بها العربية والفقه وصحح عليه الأصمعى فيها شعر الهذليين، وكان الشافعي في حداثته فقيرا تربيه أمه وهى أرملة، فكان يتقبل معونات الأغنياء من ذوى قرابته من قريش.
هجرته: ولى الرشيد أحد أصدقائه عملا باليمن، فخرج معه وولي بعض الأعمال بها، فأحسن التصرف، وبقى مدة حتى وشي به إلى الرشيد، وأنه يؤامر الطالبيين للخروج عليه، فحمل مع الطالبيين إلى الرشيد وهو بالرقة فلم يتبين شيئا في أمره فأطلقه، فقيل كان ذلك بشفاعة الفضل بن الربيع، وقيل بشفاعة محمد بن الحسن، وقيل غير ذلك. ثم دخل بغداد سنة ١٩٥ فاجتمع عليه علماؤها وأخذوا عنه. ومنهم أحمد بن حنبل فأقام بها حولين أملى فيهما مذهبه القديم، واجتمع أثناء إقامته بالعراق بمحمد بن الحسن فأكرمه وأغدق عليه، وكتب عنه الشافعي علما كثيرا؛ ثم رجع إلى مكة، ثم عاد إلى بغداد سنة ١٩٨ فأقام بها شهرا، ثم خرج إلى مصر فوصل إليها سنة ١٩٩ أو سنة ٢٠٠ فألقى عصاه بها وسكن الفسطاط فكانت دار هجرته وبها أملى مذهبه الجديد بجامع عمرو.
مذهبه: واستنبط الشافعي مذهبه بعد القرآن من الحديث والقياس والرأى، فكان