للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترهيب من الظلم ودعاء المظلوم وخذله، والترغيب في نصرته

١ - عن أبي ذرٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "فيما يَرْوِي عن ربه عز وجل أنه قال: يا عبادي إني حرمت (١) الظلم على نفسي، وجعلتهُ بينكم مُحَرَّماً فلا تَظَّالَمُوا (٢) " الحديث رواه مسلم والترمذي وابن ماجة، وتقدم بتمامه في الدعاء وغيره.

٢ - وعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اتقوا (٣) الظلم، فإن الظلم ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ (٤) فإن الشُّحَّ أهلكَ من كان قبلكم، حَمَلَهُمْ على أن سَفَكُوا دماءهم، واستحلُّوا محارمهم" رواه مسلم وغيره.


= الفزع الأكبر، واعلم يا أمير المؤمنين أن لك منزلاً غير منزلك الذي أنت فيه، يطول فيه رقادك، ويفارقك أحباؤك، يسلمونك في قعره فريداً وحيداً، فتزود له ما يصحبك "يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه" واذكر يا أمير المؤمنين "إذا بعثر ما في القبور وحصل ما في الصدور" فالأسرار ظاهرة والكتاب "لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" فالآن يا أمير المؤمنين وأنت في مهلٍ قبل حلول الأجل وانقطاع الأمل لا تحكم يا أمير المؤمنين في عباد الله بحكم الجاهلين، ولا تسلك بهم سبيل الظالمين، ولا تسلط المستكبرين على المستضعفين، فإنهم "لا يرقبون في مؤمن إلاً [عهداً] ولا ذمة" فتبوء بأوزارك وأوزار مع أوزارك، وتحمل أثقالك وأثقالاً مع أثقالك ولا يغرنك الذين يتنعمون بما فيه بؤسك ويأكلون الطيبات في دنياهم بإذهاب طيباتك في آخرتك لا تنظر إلى قدرتك اليوم، ولكن انظر إلى قدرتك غداً وأنت مأسور في حبائل الموت، وموقوف بين يدي الله في مجمع من الملائكة والنبيين والمرسلين "وقد عنت [خضعت وذلت] الوجوه للحي القيوم" إني يا أمير المؤمنين وإن لم أبلغ بعظتي ما بلغه أولو النهى [أصحاب العقول] من قبلي فلم آلك [لم أقصر] شفقة ونصحاً فأنزل كتابي عليك مداوي حبيبه يسقيه الأدوية الكريهة لما يرجو له في ذلك من العافية والصحة، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته. أ. هـ من العقد الفريد.
(١) تقدست عنه وتعاليت، والظلم: الجور أيضاً ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي وهو مستحيل في حق الله سبحانه وتعالى، وكيف يجاوز سبحانه حداً وليس فوقه من يطيعه أو يرسم له عملاً إن تجاوزه ظلم، وكيف يتصرف في غير ملك والعالم كله ملكه وسلطانه قاله النووي في مختار الإمام مسلم ص ٤٤١ جـ ٢.
(٢) لا تظالموا: أي لا يظلم بعضكم بعضاً.
(٣) اجتنبوه، قال ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ مال الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالباً إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ الظلم عن ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر فإذا سعى المتقون بنورهم الذي حصل لهم بسبب التقوى اكتنفت ظلمات الظلم الظالم حيث لا يغني عنه ظلمه شيئاً. أ. هـ فتح ص ٦٣ جـ ٥
(٤) التقصير في حقوق الله تعالى ومنع للزكاة والبخل بأداء الواجب ومنع الصدقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>