للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الترهيب من استبطاء الإجابة، وقوله دعوت فلم يستجب لي]

١ - عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم ما لم يعجل (١)

يقول: دعوت فلم يستجب لي. رواه البخاري، ومسلم وأبو داود والترمذي، وابن ماجه.

وفي رواية لمسلم والترمذي: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدعُ بإثمٍ (٢)، أوْ قطيعة (٣) رحيمٍ، ما لمْ يستعجل. قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوتُ، وقدْ دعوتُ فلمْ أر يستجب لي فيستحسر عند ذلك، ويدع الدعاء.

[فيستحسر]: أي يملّ ويعي فيترك الدعاء.

٢ - وعنْ أنسٍ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال العبد بخيرٍ ما لمْ يستعجلْ. قالوا: يا نبيَّ الله: وكيف يستعجل؟ قال يقول: قد دعوت ربي فلمْ يستجب لي. رواه أحمد واللفظ له وأبو يعلي، ورواتها محتجٌّ بهم في الصحيح إلا أبا هلال الراسي.


(١) مدة عدم عجلته، وبين ذلك صلى الله عليه وسلم قول الداعي (طلبت فلا شيء) هذا يأس، والمطلوب كثرة التضرع وزيادة التقرب إلى السميع العليم. قال ابن بطال: المعنى أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه أو أنه أتى من الدعاء ما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل فيصير كالمبخل للرب الكريم الذي لا تعجزه الإجابة ولا ينقصه العطاء أهـ. وفي هذا الحديث أدب من آداب الدعاء، وهو أنه يلازم الطلب، ولا ييأس من الإجابة لما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار، حتى قال بعض السلف: لأنا أشد خشية أن أحرم الدعاء من أن أحرم الإجابة.
قال ابن الجوزي: اعلم أن دعاء المؤمن لا يرد غير أنه قد يكون الأولى له تأخير الإجابة أو يعوض بما هو أولى له عاجلا أو آجلا، فينبغي للمؤمن أن لا يترك الطلب من ربه فإنه متعبد بالدعاء كما هو متعبد بالتسليم والتفويض أهـ هذا إلى تحري الأوقات الفاضلة كالسجود، وعند الأذان، وتقديم الوضوء والصلاة، واستقبال القبلة ورفع اليدين وتقديم التوبة، والاعتراف بالذنب، والإخلاص، وافتتاحه بالحمد، والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسؤال بالأسماء الحسنى أهـ فتح ص ١١٠ جـ ١١ وقال تعالى: (وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون من عبادته ولا يستحسرون يسبحون الليل والنهار لا يفترون) ٢٠ من سورة الأنبياء أي لا يتعظمون عنها ولا يعيون منها (من عنده) الملائكة الأبرار.
(٢) ذنب أو كيد أو مصيبة لأحد، وهكذا من أمور الشرور.
(٣) قتل قريب أو أذاه أو ضره.

<<  <  ج: ص:  >  >>